للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَزْهُوَ، وَعَنِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأمَنَ العَاهَةَ. نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِىَ.

ــ

جدها فى البيع على الإطلاق آمن من هذا الذى علل به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النهى، فوجب الجواز. وسبب الاختلاف من جهة المعنى: أن الأصلين المتقدمين قد اتفقنا فى أحدهما على المنع وفى الآخر على الجواز، فيجب أن يعتبر هذا الفرع المختلف فيه بأى الأصلين يلحق؟ فالأصح عند شيخنا - رحمه الله - إلحاقه بأصل الجواز؛ لأن الإطلاق فى البيع لا يقتضى التبقية؛ لأنها انتفاع بملك آخر لم يشترط ولم يقع البيع عليه، فللبائع أن يمنع من بقائها فى نخله إذا لم يشترط ذلك عليه، ولا هو من مقتضى الإطلاق. [فإن] (١) كان مقتضى الإطلاق القطع - على ما بينا - كان الجواز أولى، وكمن باع صبرة طعام فى داره، فأراد المشترى أن يبقيها فى دار البائع شهرًا، فليس ذلك له باتفاق؛ لأنه ليس من مقتضى الإطلاق، وكذلك مسألتنا، وكان من منع يرى أن العوائد فى الثمار بقاؤها إلى الطياب، فصار ذلك كالمشروط، ولو اشترى صبرة طعام بالليل بحيث يتعذر نقلها قبل الصباح، لم يلزم المبتاع إخراجها من دار البائع فى الوقت الذى لا يمكن الإخراج فيه؛ لأجل أنه كالمستثنى بقاؤها الزمن المعتاد. وإذا كان محمل البيع على التبقية عند هؤلاء وجب المنع بلا شك.

وأما إذا بيعت الثمرة بعد الزهو مطلقًا فعندنا تجب التبقية، وعند أبى حنيفة يجب القطع، وكذلك إذا بيعت بعد الزهو [بشرط التبقية] (٢) فيجوز عندنا، ويمنع عند أبى حنيفة، وكان عنده النماء الحادث بزيادة لم توجد ولم تتحصل، فلا يصح العقد عليها وقد يعارض فى هذا الموضع بأن يقال: إن مذهبكم أنها بعد الزهو على التبقية، وليس ذلك من مقتضى الإطلاق عندكم كما قلتموه فى مسألة بيعها قبل الزهو على الإطلاق. قلنا: كان مالكًا وأصحابه رأوا العادة مطردة فى مشتريها بعد الزهو؛ أنه لا يشتريها إلا للتبقية وحتى تصير إلى حال يمكن ادخارها فيها، فيحمل الإطلاق على المعتاد فى ذلك، ويؤكد جواز اشتراط التبقية بعد الزهو.

قوله: " نهى عن بيع الثمر حتى يزهو ": فجعل غاية النهى الزهو، وإذا وقع الزهو وقعت الإجازة على الإطلاق وبخلاف ما قبل الزهو؛ لأنه نهى عن ذلك - أيضاً - مطلقًا، ولم تجر فى ذلك عادة واضحة فوقع فيه الاضطراب لذلك.

قال القاضى: وقوله: " وعن السنبل حتى يبيض ": دليل على جواز بيعه إذا ابيض فى سنبله واشتد، جاز بيعه قبل حصاده، وهو قول مالك والكوفيين وأكثر العلماء وقال به


(١) فى جميع نسخ الإكمال: فإذا، وكذا بعض نسخ ع، والمثبت من الصحيحة المطبوعة، ع.
(٢) سقط من الأصل، واستدرك من الهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>