للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٦ - (...) وحدّثنا أَبُو الرَّبِيعِ وَأَبُو كَامِلٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. ح وَحَدَّثَنِيهِ عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِى بَيْعِ العَرَايَا بِخِرْصِهَا.

ــ

وأما فى الحكم المرخص فيه فيها فلم يحكم لها جل أصحابنا به إلا إن منحها بلفظ العرية، وعرفها خصوصاً لا بغيرها من الأسماء. وابن حبيب منهم لا يراعى الاسم ويجرى الحكم فيما منح بهذه الألفاظ.

قال القاضى: ومعنى قوله: " بخرصها ": قال مالك: إنما صاع العرايا بخرصها من التمر بتمر ذلك، ويخرص فى رؤوس النخل، وليست له مكيلة، وإنما رخص فيه لأنه أنزل بمنزلة التولية، والإقالة والشركة، وقد ذهب أحمد بن حنبل فى تأويل العرايا إلى ما ذهب إليه مالك (١)، إِلا أنه خالفه فى جواز بيعها من ربها وغيره. وهو قول الأوزاعى لظاهر إطلاق الحديث، وعموم بيعها، ومشهور مذهب مالك قصر جواز بيعها من ربها لخرصها تمرًا إلى الجذاذ، وذلك بعد صلاح العرية، وروى عنه: لا يجوز بخرصها ويجوز بغيره، وروى عنه: أنها تجوز بخرصها، وبغيره وبالعروض، وبالطعام يريد على الجذ، وروى عنه: أنه لا يجوز شراؤها إلا بخرصها، ولا يجوز بيعه من دنانير أو دراهم أو غير ذلك؛ لأنه من باب العود فى الهبة وبالخرص رخصة لا تتعدى قبل اختلاف قوله فى ذلك على اختلاف الأصل فى تقديم خبر الواحد على القياس على الأصول، وتقديمها عليه، وعلى الأصل فى أن الرخص لا يتعدى بها معها، فإذا منع بالخرص يقدم القياس على الأصل فى النهى عن بيع ثمر النخل بالتمر كيلاً، مع اختلاف الناس فى تفسير الحديث، لكن هذا القول ضعيف وشاذ من قوله؛ لأن فى تفسير هذا الحديث هذا الاستثناء، وليس الأخذ لبعضها أولى من الأخذ بنا فيه.

وأما مشهور قوله بأنها لا تجوز إلا بخرصها إلى الجذاذ، فلم ير تعدى الرخصة عن وجهها وهو أظهر، ورأى فى قوله عموم شرائها بكل شىء بالقياس على الرخصة بالخرص، وأنه إذا جاز به كان أولى بغيره، مع أنها هبة منافع. والحديث فى منع الرجوع فى الهبة إنما جاء فى الرقاب وما لم يبق فيه للواهب تعلق. وشراء العرية هنا زيادة معروف لكفايته المؤونة وضمانه المنفعة، ولدفع المضرة عن نفسه. وقد روى ابن نافع فى تفسير العرية عن مالك (٢) غير المعروف من قوله أنها النخلة، تكون للرجل فى حائط الآخر يريد صاحب الحائط شراءَها إذا أزهت بخرصها تمرًا عند الجذاذ، وهذا نحو قوله فى المدونة من


(١) انظر: الاستذكار ٩/ ١٢٠ وما بعدها.
(٢) انظر: المصدر السابق ١٩/ ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>