للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عنانه، وثنية الحديث. وكأن المستثنى رجع إلى بعض ما عم من كلامه قبل. ووقوعه هنا فى الثنى الممنوعة وهى ضروب، كقوله: إن جئتنى بالثمن إلى وقت كذا أو متى جئتنى به رددت عليك مالك. فهذا متى عقد البيع عليه كان فاسدًا. ومنه قول المشترى: إن لم تأت بالثمن يوم كذا فلا بيع بينى وبينك. فاختلف فيه العلماء، فبعضهم أبطل الشرط وصحح البيع، ومنهم من ألزم فاعله ما شرط وجعل الآخر بالخيار، والوجهان مرويان عن مالك. وما كان من ذلك على التطوع بعد العقد لزم الوفاء به. وأما ثنيا المشترى بعض ثمرة النخلة التى باع، فلا يجوز أن يكون على الكيل والجزء أو ثمرة نخلات معينات. فأما النخلات المعينات بلا خلاف فى جواز استثنائه؛ لأنه لم يقع عليهن بيع الجملة. وإن استثنى بعضها على الكيل فمذهب عامة العلماء وفقهاء الفتيا بالأمصار أنه لا يجوز من ذلك قليل ولا كثير، وذهب مالك فى جماعة أهل المدينة الى جوار ذلك ما بينه وبين ثلث الثمرة لا يزيد على ذلك، وإن استثنى جزءًا مشاعًا فيجوز عند مالك وعامة أصحابه قل أو كثر، وذهب عبد الملك إلى أنه لا يجوز استثناء الأكثر، والخلاف فى ذلك مبنى على جواز استثناء الأكثر من الأقل.

وقد اختلف فى ذلك النحاة والأصوليون، وكتاب الله يشهد بجوازه، قال الله تعالى حاكيًا عن إبليس: {فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (١)، ثم قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِين} (٢)، فقد استثنى كل صنف من الآخر وأحدها أكثر بلا مرية، لاسيما ما وردت به الآثار فى تكثير الغاوين.

وأما بيع الثنى، فقال الهروى: هو أن يستثنى من المبيع شيئًا مجهولاً فيفسد البيع. وقال القتبى: هو أن يبيع شيئًا جزافًا فلا يجوز أن يستثنى منه شيئًا، وفى المزارعة أن يستثنى بعد الجزء شيئًا معلومًا، ومن الثنى اشتراط البائع على المبتاع متى جاءه بالثمن، فالسلعة له.

قال [القاضى] (٣): هذا الذى يسميه الموثقون بيع الثنى.

قال الإمام: خرج مسلم فى هذا الباب حديثًا عن زيد بن أبى أنيسة، قال: حدثنا أبو الوليد المكى عن جابر، ثم أردف عليه: حدثنا عبد الله بن هاشم، نا بهز، ثنا سليم بن حيان، حدثنا سعيد بن ميناء، عن جابر، ثم عطف بعده بحديث حماد بن زيد عن أيوب، عن أبى الزبير، وسعيد بن ميناء عن جابر قال. قال بعضهم: أبو الوليد المكى الذى فى الإسناد الأول هو سعيد بن ميناء، وزعم الحاكم أن أبا الوليد الذى فى هذا الإسناد اسمه يسار وقال مثل ذلك ابن أبى حاتم الرازى ورد ذلك عبد الغنى وقال هو وَهْم،


(١) ص: ٨٢، ٨٣.
(٢) الحجر: ٤٢.
(٣) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>