كان عنوة أخذ النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمسه، وأقسم أهل السهام أربعة أخماس. وقد تقدم اقتسامهم ما كان من أرض خيبر، وأنها اقتسمت على السهام، فإن كان ذلك القسم إنما هو كان عرف كل واحد ما يصير له من الأرض على الإشاعة، فعليه يأتى ظاهر هذا اللفظ المتقدم، وإن كانت السهام ضربت على الأرض فقد تميزت لكل واحد أرضه، فيكون معنى قوله:" إن الثمر تقسم على السهمان ": أى ثمر كل سهم يقسم بين عامله وصاحبه.
وفى فرض النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما فرض لأزواجه ما ذكر، وكذلك فرض لبنى هاشم وبنى المطلب على ما ذكر أصحاب السير وغيرهم: جواز إرضاخ الإمام من الفىء والخمس لقريش ولذوى القربى ولأهل الفضل والدين والسِّن، وتفضيل بعضهم على بعض حسبما روى فى ذلك. وفيه حجة أنه ليس لأولى القربى فيه خمس الخمس، ولأنه على التسوية، الغنى والفقير سواء، وللفارس الذكر منهم سهمان، وللأنثى سهم فى هذا كله، بل ذلك موكول إلى اجتهاد الإمام. قال عمر بن عبد العزيز. لم يعمهم - عليه السلام - بذلك، ولم يخص قريبًا دون ما هو أحوج منه.
وقوله:" ولما ولى عمر قسم خيبر ": يعنى أجلى عنها يهودها لما بلغه من قوله - عليه السلام - فى مرضه:" لا يبقين دينان فى جزيرة العرب "(١)، وسيأتى الكلام على هذا بعد إن شاء الله.
وقوله:" خير أزواج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقطع لهن الأرض والماء أو يضمن لهن الأوساق كل عام " إذ المال فيه إلى كفايتهن المؤونة.
قوله فى الآخر:" فلما ولى عمر قسم خيبر ": يعنى قسم السهم الذى كان له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان وقفه لعياله وعامله، وكان قسم هذا بعد أن أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز، وإنما خيرهن بين الإقطاع وضمان الأوساق مبالغة فى صيانتهن وكفايتهن التبذل فى تحصيل ذلك، ولم يكن هذا الإقطاع لمن اختاره منهن إقطاع تمليك؛ لأنه لو كان كذلك لكان تغييرًا لما فعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد قال عمر لعلى والعباس: لا أغير من أرضها شيئًا، فإن غيرت من أمرها شيئًا أخاف أن أزيغ. وقد كان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" ما تركت بعد نفقة عيالى ومؤنة عامله صدقة " ووقف الأرض لذلك، وإنما كان إقطاع انحلال، وذلك أنه قسم الأوساق المائة على عدد الأزواج، فمن اختارت الأوساق ضمنها لها، ومن اختارت
(١) مالك، ك الجامع، ب ما جاء فى إجلاء اليهود من المدينة ٢/ ٨٩٢ (١٧، ١٨)، أحمد ٦/ ٢٧٥.