للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ، عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا أَحَدُهُمَا

ــ

عروض، إن كان دينهم عروض أو ما بلغ، إلا أن يرضوا أخذه فى جميع دينهم، ودينهم أكثر مما يبلغ فى البيع فهم أخذته ما لم يكن مما لا يجوز قبضه عن دينهم.

وفى قوله فى حديث أنس، ينهى عن بيع النخل حتى يزهو، ثم قال: " إذا منع الله الثمرة، بم يستحل أحدكم مال أخيه؟ " (١) ولعل ظاهر هذا أن هذا الحديث فيما يبلغ قبل زهوه. وهذا مما لا يختلف فيه، إنما هو بيع الثمر قبل زهوه، والمقتفون الأثر وهم الكافة، فإن جائحته من بائقه؛ لأنه بيع فاسد لم يقبضه فيشتريه فيفوت بقبضه وهو فى ضمان بائعه بعد.

قال الإمام: خرج مسلم فى باب الجوائح حديثين مقطوعين: أحدهما: قوله: حدثنا غير واحد من أصحابنا، حدثنى إسماعيل بن أبى أويس، قال: حدثنى أخى - الحديث. وهذا الحديث يتصل لنا من طريق البخارى. ورواه البخارى عن إسماعيل بن أبى أويس (٢). وقد حدث مسلم عن إسماعيل دون واسطة فى كتاب الحج، وفى آخر كتاب الجهاد. وروى - أيضًا - عن أحمد بن يوسف عن إسماعيل بن أبى أويس الأزدى فى كتاب اللعان، وفى كتاب الفضائل.

وأما الحديث الثانى المقطوع - أيضًا - فى هذا الباب فهو قوله: روى الليث بن سعد، حدثنى جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز - الحديث.

قال القاضى: أما قول الراوى: حدثنى غير واحد، أو حدثنى البتة، أو حدثنى بعض أصحابنا، فهذا لا يدخل فى باب المقطوع ولا المرسل ولا المعضل عند أهل الصناعة، وإنما يدخل فى باب المجهول. ولعل البخارى أخذ الحجة من مسلم له.

وقوله: " يسمع النبى صوت خصوم بالباب ": خصوم تجمع خَصْم، وتجمع - أيضًا - خصمًا. والخصم يقع للواحد والجمع، قال الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} (٣) وقال: {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} (٤).

ومعنى قوله: " وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه ": أى يطلب منه أن يضع له من دينه، ويحطه ويرفق به. وهذا جائز، وهو فعل معروف وسؤاله معروف أيضًا. وقد جاء مرة لمالك كراهته لما فيه الاستهزاء والامتهانة، إلا أن تدعو إليه ضرورة.


(١) تقدم فى الباب السابق.
(٢) البخارى، ك الصلح، ب هل يشير الإمام بالصلح؟ (٢٧٠٥).
(٣) ص: ٢١.
(٤) ص: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>