فى الذمة، وهل حكم هذا حكم الحاضر أو الغائب؟ فمذهب مالك وأصحابه جواز اقتضاء الدراهم ممن لك عنده دنانير حلت عليه، ومصارفته بها وإن لم يحضر الذهب، ولابد من حضور الدراهم، وكذلك ذهب عن دين دراهم، وكذلك أجار أن يتصارف رجلان لأحدهما على الآخر دراهم، ولهذا على ذلك دنانير إذا حلتا جميعاً، إذا تناجزا فى جميع ذلك بالحين وتراضيا فى الحين على ما شاء من قليل وكثير.
وأجاز ذلك كله أبو حنيفة وأصحابه، حل الأجل أم لا، وراعوا فى ذلك براءة الذمم. وأجاز ذلك الشافعى والليث فى اقتضاء أحدهما من الآخر، ومنعاه فى الذهبين، وقاله ابن وهب وابن كنانة وأصحابنا، وأجاز ذلك فى الاقتضاء ابن أبى ليلى وعثمان البتى بسعر يومهم من الصرف لا بغيره. ولم ير أحد من هؤلاء المجيزين أن فى ذلك غائباً بناجز ولا غائباً بغائب، وكل هؤلاء يشترطون التفاضل والتناجز فى المجلس.
وذكر عن ابن شبرمة: لا يجوز أخذ عين عن عين أخرى، وروى مثله عن ابن عباس وابن مسعود والليث، ومنعه طاووس من بيع وإجازة وفرض وما لم يحضر فهو غائب عندهم، وعند الجمهور إذا كان دالاً فهو كالحاضر، ولأنهما متفاضلان برئت ذممهما فكان كما لو حضر، وقد روى أبو داود وغيره عن ابن عمر عن النبى - عليه السلام - فى جواز الاقتضاء فى ذلك حديثاً مبيناً، وذكر فى بعض طرقه بسعر يومها (١)، كما اختار عثمان
(١) أبو داود، ك البيوع، ب فى اقتضاء الذهب من الورق (٣٣٥٤)، النسائى، ك البيوع، ب بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة (٤٥٨٢)، الدارمى، ك البيوع، ب الرخصة فى اقتضاء الورق من الذهب ٢/ ٢٥٩.