للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِى الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ: مِنْ حَدِيدٍ.

ــ

فعل ذلك ليريه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جواز معاملة اليهود، أو فعل ذلك؛ لأنه لم يحضره حينئذ من عنده طعام سوى هذا اليهودى، أو يكون - عليه السلام - علم أن أصحابه - رضى الله عنهم - لا يقبلون منه الرهن إكراماً له، أو لا يقتضونه فى الثمن إذا حلَّ تقرباً إليه، فعدل إلى معاملة من يفعل ذلك معه لئلا يجحف بأصحابه.

قال القاضى: أجمع العلماء على جواز معاملة أهل الذمة وجواز معاملة المشركين، إلا ما يتقوى به أهل الحرب على محاربة المسلمين كسلاح الحرب وآلاتها وما تصرف فيها، أو ما يستعين به جميعهم على إقامة شريعتهم، وإظهار تصرفهم وما لا يجوز تملكه لهم لحرمته كالمسلم والمصحف. ومنع ابن حبيب بيع الحرير والكتان والبسط والطعام من أهل الحرب، وتأول ذلك إما عند الشدائد فيطمع أن يتمكن منكم بضعف الجوع، فإن ما ذكر من الكتان والحرير والبسط مما يتحملون به فى حروبهم. ورهن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدرع عند اليهودى أنه لم يكن من أهل الحرب، وممن كان بين ظهرى الإسلام، وإلا فرهنها ممن يخشى منه التقوى بها كبيعها.

وظاهر الخبر ما كان عليه - عليه السلام - من التقلل من الدنيا والاكتساب، وأنه لو كان عنده غير الدرع لباعه أو رهنه مكان درعه، وفيه اتخاذ الدروع والعدد للأعداء والتحصن منه، وأن ذلك غير قادح فى التوكل.

واستدل إبراهيم النخعى بهذا الحديث على جواز الرهن فى السلم؛ لأن المسلم دين فى الذمة فلا فرق بينه وبين السلف، وهو مذهب مالك وكافة السلف والعلماء، وكذلك الكفيل. وذهب زفر والأوزاعى وأحمد إلى كراهة ذلك فيهما، وروى عن بعض السلف. وكره مالك الكفالة برأس مال السلف إذا كان فى العقد، ويفسد بذلك السلم على تفصيل فيه فى كتب الفقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>