للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَارِهِ، فَقَالَ: دَعُوهَا وَإِيَّاهَا، فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ، طُوِّقَهُ فِى سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". اللهُمَّ، إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، فَأَعْمِ بَصَرَهَا، وَاجْعَلْ قَبْرَهَا فِى دَارِهَا.

قَالَ: فَرَأَيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الْجُدُرَ، تَقُولُ: أَصَابَتْنِى دَعْوَةُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ. فَبَيْنَمَا هِىَ تَمْشِى فِى الدَّارِ مَرَّتْ عَلَى بِئْرٍ فِى الدَّارِ، فَوَقَعَتْ فِيهَا، فَكَانَتْ قَبْرَهَا.

١٣٩ - (...) حدثنا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِىُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ أَرْوَى بِنْتَ أُوَيْسٍ ادَّعَتْ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِهَا، فَخَاصَمَتْهُ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. فَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أَرْضِهَا شَيْئًا بَعْدَ الَّذِى سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ

ــ

ضرسه، كما قال تعالى: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَة} (١)، ويشهد له حديث عائشة: " طوقه من سبع أرضين "، ويحتمل أن يريد أنه يلزم إثم ذلك كلزوم الطوق العنق. وقل: المعنى: خسف به ومثل الطوق منها. ويشهد له قوله فى الآخر: " إلى سبع أرضين " وفى البخارى: " خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين " (٢).

وقوله: " من سبع أرضين ": قال القاضى: الأراضون سبع طباق، وإنما الخلاف هل فتق بعضها من بعض؟ قال الداودى: الحديث يدل أنها لم تفتق؛ لأنها لو فتقت لم يطوق بما ينتفع به غيره. وجاء فى غلظهن وفيما بينهن خبر ليس بصحيح، واستدل به بعضهم على أن من ملك ظاهر الأرض يملك ما تحتها مما يقابله، فله منع من تصرف فيه أو يحفر. وقد اختلف العلماء فى هذا الأصل فيمن اشترى دارًا فوجد فيها كنزًا، أو وجد فى أرضه معدنًا، فقيل: له، وقيل: للمسلمين. ووجه الدليل من الحديث أنه غصب شبراً فعوقب بحمله من سبع أراضين، وكذلك يملك مقابل ذلك من الهواء يرفع فيه من البناء ما شاء ما لم يضر بأحد.

وتأول بعضهم الحديث على أن المراد بالسبع أراضين: السبعة أقاليم، وهو تأويل أبطله العلماء؛ لأنه لو كان المراد ذلك لم يطوقه من غصب شبرًا من إقليم شبراً من إقليم آخر، بخلاف طباق الأرض فإن من ملك شبراً من الأرض ملك تحته.


(١) آل عمران: ١٨٠.
(٢) البخارى، ك المظالم، ب إثم من ظَلَم شيئًا من الأرض ٣/ ١٧٠، وكذا فى بدء الخلق، ب ما جاء فى سبع أرضين ٤/ ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>