للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُنِى بِهِ؟ قَالَ: " إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا ". قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ؛ أَنَّهُ لا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلا يُبْتَاعُ، وَلا يُورَثُ، وَلا يُوهَبُ. قَالَ: فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِى الفُقَرَاءِ، وَفِى القُرْبَى، وَفِى الرِّقَابِ، وَفى سَبِيلِ اللهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ، لا جُنَاحَ عَلى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ.

قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الحَدِيث مُحَمَّدًا. فَلمَّا بَلَغْتُ هَذَا المَكَانَ: غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالاً.

قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَأَنْبَأَنِى مَنْ قَرَأَ هَذَا الكِتَابَ؛ أَنَّ فِيهِ: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالاً.

(...) حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ،

ــ

قبل أن يستفسر فالنظر عندى ألا يلزمه إلا أقل ما يقتضيه قوله؛ لأن الأملاك لا تخرج بالشك. وهذا الأصل يدور عليه جميع ما وقع فى ذلك فى الروايات.

وأما قوله: " لا جناح على من وليها أن يأكل بالمعروف، أو يطعم صديقاً غير متأثل مالاً " فإن الحبس إذا استثنى محبسه منه هذا فى أصل التحبيس صح ذلك. ولما أكل الصديق فى حكم المعلوم مبلغه فيباح له منه قدر ما خرجت العادة به ولو لم يشترط ذلك، وكان التحبيس على المساكين ومن يليها منهم، فإنه لا يحرم عليه ما لا يحرم على أحدهم وإن كان غنياً، واضطر إلى قيامه عليها ما لا يحرم بهذا القدر على جهة الإجازة، ويكون ما يأخذ معلوماً صح ذلك، وليست بأعظم من الزكوات التى جعل الله - سبحانه - فيها حقًا للعاملين عليها، وإن كانوا أغنياء.

وتقييده فى قوله: " أن يأكل منها بالمعروف، إشارة إلى ما قلناه فى الرجوع إلى العادة فى ذلك. وأما قوله: " غير متأثل مالاً " فمعناه: غير جامع، وكل شىء له أصل قديم أو جمع حتى يصير له أصل فهو موثل، ومنه: مجد موثل: أى قديم الأصل، وأثلة الشىء: أصله.

قال القاضى - رحمه الله -: فيه نص من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الحبس والأمر به، وفيه جواز التحبيس على الأغنياء لقوله: " أو يطعم صديقاً "، وفيه جواز أكل القيم عليه منه، وأن جميع ذلك بالمعروف، كما قال الله - تعالى - فى ولى اليتيم على قول بعضهم، وجواز الشرط فى الحبس.

وقول مسلم آخر حديث محمد بن مثنى: فى الباب زيادة قوله: وفى حديث ابن أبى

<<  <  ج: ص:  >  >>