للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وحدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا الصَّعْقُ - يَعْنِى ابْنَ حَزْنٍ - حَدَّثَنَا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا زَهْدَمٌ الْجَرْمِىُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِى مُوسَى وَهُوَ يَأْكُلُ لَحْمَ دَجَاجٍ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ. وَزَادَ فِيهِ قَالَ: " إِنِّى، وَاللهِ! مَا نَسِيتُهَا ".

ــ

قال القاضى - رحمه الله -: وقول أبى موسى فى الحديث فى الدجاج: " رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل منه "، وقول الآخر: " فرأيته يأكل قذرًا، فحلفت ألا آكل منه " الحديث: اختلف العلماء فيمن يأكل القذر والنجاسات من الحيوان (١)، هل يؤكل؟ فقال الطبرى: كان عمر لا يأكل الدجاجة حتى يقصرها أيامًا لأنها تأكل العذرة. قال: وغيره كان يتأول من الجلالة التى نهى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكلها. وكره الكوفيون أكل لحوم الإبل الجلالة حتى تحبس أيامًا. وقال الشافعى: أكره أكلها إذا لم تكن تأكل العذرة أو كانت أكثر أكلها، وإن كان أكثر أكلها غيره لم أكرهه. وأجاز أكل لحوم الجلالة وما يأكل الجيف من الطير وغيره مالك والليث. وكره ابن حبيب من أصحابنا أكله.

وقوله: " أغفلنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمينه ": بسكون اللام، أى: صيرناه غافلاً عنها، وكنا سبب ذلك إذ لم نذكره بها، إذ حسبوا أنه نسى يمينه، أى أخذنا منه ما أخذنا وهو غافل، فكنا سبب غفلته. يقال: أغفلت الرجل: إذا جعلته غافلاً أو سميه غافلاً، قال الله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا} (٢).

وذكر مسلم فى الباب حديث الصعق بن حزن (٣)، وهو بكسر العين، عن مطر الوراق (٤) عن زهدم. قال الدارقطنى: الصعق ومطر ليسا بالقويين، ولم يسمعه مطر من زهدم، وإنما رواه عن القاسم عنه، وهذا مما استدركه الدارقطنى (٥) على مسلم. ومسلم إنما أدخل حديثه لزيادته.

وقوله فيه: " إنى والله ما نسيتها " يعنى اليمين. وأتى به متبعًا بعض الطرق الصحيحة


(١) انظر: المغنى ١٣/ ٣٢٨.
(٢) الكهف: ٢٨.
(٣) الصعق بن حزن بن قيس البكرى ثم العيشى، أبو عبد الله البصرى. روى عن الحسن البصرى ومطر الوراق وقتادة وغيرهم، وعنه ابن المبارك ويونس بن محمد وأبو أسامة ويزيد بن هارون وغيرهم، قال عنه ابن معين: ليس به بأس، وقال الداودى عن ابن معين: ثقة، وقال أبو زرعة وأبو داود والنسائى وأبو حاتم: ما به بأس، وقال الدارقطنى: ليس بثقة، ووثقه العجلى، وذكره ابن حبان فى الثقات. التهذيب ٤/ ٤٢٤.
(٤) مطر الوراق، هو: مطر بن طهمان الوراق، أبو رجاء الخرسانى السلمى، سكن البصرة، روى عن أنس وعكرمة وعطاء وغيرهم، وعنه إبراهيم بن طهمان وأبو هلال الراسبى والصعق بن حزن وغيرهم، قال ابن سعد: كان فيه ضعف فى الحديث. وقال العجلى: بصرى صدوق، وقال مرة: لا بأس به، وقال الساجى: صدوق، توفى ١٤٠ هـ، التهذيب ١٠/ ١٦٧، ١٦٨.
(٥) الإلزامات والتتبع للدارقطنى ص ١٦٨، وقال النووى: وهذا الاستدلال فاسد؛ لأن مسلماً لم يذكره متأصلاً، وإنما ذكره متابعة للطرق الصحيحة السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>