للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحسن البصرى والحسن بن جنى (١)، وعثمان البتى، والنخعى، والشعبى، وروى عن أبى بكر، وعمر بن الخطاب، وابن عباس، ومعاوية - رضى الله عنهم.

ثم اختلفوا - أيضاً - فى المبدأ - بالأيمان. من هم؟ فمعظم القائلين بالقود أخذ بالمشهور من تقديم الأولياء وترتيب القسامة على ما جاء فى الحديث، وحجتهم هذا الحديث ومجيئه من طرق صحاح لا تدفع. وفيه تبدئة المدعى، ثم ردها حين أبى على المدعى عليهم. واحتجوا - أيضاً بالحديث الآخر من رواية أبى هريرة عنه - عليه السلام - " البينة على المدعى، واليمين على المدعى عليهم إلا القسامة " (٢).

ويقول مالك: الذى اجتمعت عليه الأئمة فى الحديث والقديم أن المدعين يبدؤون فى القسامة (٣)، واحتجوا بأن جنبة المدعى إذا قويت بشهادة أو شبهة قوية صارت اليمين له وها هنا الشبهة قوية، وقالوا: هذه شُبْهة بحيالها، وأصل قائم لحياة الناس، وردع المعتدين والدعاوى فى الأموال على سنتها أيضاً، فكل أصل يتبع ويستعمل ولا يطرح بسنة لسنة إن شاء الله، وعللوا رواية من روى تَبْدِئة المدعى عليهم بقول أهل الحديث: إنه وهم من رواته، وأنه أسقط تبدئة المدعين إذ لم يذكر رد اليمين، وأيضاً فإن زيادة تبدئة المدعين فى هذه الأحاديث الأخر والروايات الصحاح والزيادة مقبولة معمول بها لا يضرها من لم يثبتها، وهى تقضى على من لم يعرفها. وقال كل من قال بالدية وإسقاط الدم بتبدئة المدعى عليهم إلا أحمد والشافعى فى أحد قوليه بترك القود وإيجاب الدية، فإنهما على ما عليه الجمهور من الأخذ بمساق الحديث المشهور فى تبدئة المدعى وردها إن أبوا على المدعى عليهم. وقد قال بهذا القول الكوفيون وكثير من البصريين، والمدنيين، والأوزاعى وروى عن الزهرى، وعن عمر بن الخطاب.

ثم اختلفت مذاهب القائلين بتبدئة المدعى عليهم، فقال الأوزاعى - فقيه الشاميين: يستحلف من أهل الفدية خمسون رجلاً خمسين يميناً: ما قتلنا ولا علمنا له قاتلاً، فإن حلفوا بروا، وإن نقضت قسامتهم حلف المدعون على رجل واحد واستحقوا. فإن نقضت قسامتهم أو نكل منهم واحد عادت عقلاً (٤). ومثل هذا فى التبدئة وردها قول الزهرى، إلا أنه لا يرى فى هذا القول قوداً بل إذا حلف المدعون كانت دية، وإن نكل منهم واحد فلا شىء، ونحوه قول الحسن البصرى.

وقال عثمان البتى: يبدأ المدعى عليهم، فإن حلفوا فلا شىء عليهم غير ذلك. وقال أبو حنيفة وأصحابه والثورى ومعظم الكوفيين والبصريين: يحلف المدعى عليهم ويؤدون


(١) انظر التمهيد ٢٣/ ٢١٧، الاستذكار ٢٥/ ٣١٧.
(٢) الترمذى، ك الأحكام، ب ما جاء فى أن البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (١٣٤١).
(٣) الاستذكار ٢٥/ ٣٢٠ وما بعدها.
(٤) التمهيد ٢٣/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>