وعليه أثره من التلطخ بالدم وشبهه. فهذا لوث عند مالك فى رواية ابن وهب. فقاله ابن عبد الحكم، وقال الشافعى نحوه قال: وذلك إذا لم يكن هناك أحد ولا وجد به أثر سبع. قال: ومثله لو وجد فى بيت أو صحراء أو دار ليس فيها أحد سواهم يتفرقون عن قتيل، فهذا كله شبهة توجب القسامة.
الوجه الخامس: الفئتان يقتتلان فيوجد بينهما قتيل، ففيها عندنا روايتان: الأولى: جواز القسامة بمثل هذا لأوليائه على من يدعون عليه منهما، أو من يدعى عليه المقتول، كان منهما أو من غيرهما. والأخرى: أنه لا قسامة فيه فى هذه الوجوه، وفيه الدية على الطائفة التى نازعت طائفته إن كان منهما، أو عليهما إن كان من غيرهما، وبالقسامة فى هذا قال الشافعى. وقال أحمد وإسحاق: عقله على الفئة المنازعة، فإن عينوا رجلاً ففيه القسامة.
الوجه السادس: الميت فى مزاحمة الناس. فقال الشافعى: تثبت بذلك القسامة، ويكون فيه الدية. وعند مالك هو هدر. وقال إسحاق والثورى: ديته على بيت المال، وروى مثله عن عمر وعلى. وقال الحسن والزهرى: ديته على من حضر.
الوجه السابع: أن يوجد فى محلة قوم أو قبيلهم أو مسجدهم. فعند مالك والشافعى والليث وأحمد وداود وغيرهم: أنه لا يستحق بهذا بمجرده قسامة. والقتيل هدر لأنه يقتل الرجلُ ويلقيه فى محلة القوم ليلطخهم به. قال الشافعى: إلا أن يكون بمثل القصة التى حكم فيها النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى خيبر، فيجب فيها القسامة من العداوة، وأنه لم يكن هناك سواهم، فإن خيبر كانت باليهود مختصة، والعداوة بينهم وبين الأنصار ظاهرة وخرج عبد الله بعد العصر فوجد قتيلاً قبل الليل. وقال نحوه أحمد بن حنبل. وقد تأول النسائى هذا على مذهب مالك.
وذهب أبو حنيفة والثورى ومعظم الكوفيين إلى أن وجود القتيل فى القرية والمحلة يوجب القسامة، ولاسبب عندهم من الوجوه السبعة المتقدمة يوجب القسامة سواها؛ لأنها عندهم الصورة التى قضى فيها النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقسامة، فيحلف فيه خمسون رجلاً خمسين يميناً ووجبت عليهم الدية على ما تقدم من مذهبهم فى صفة العمل بها عندهم، وذلك إذا وجد القتيل وبه أثر، وإلا فلا قسامة فيه. فإن وجد القتيل فى المسجد حلف أهل المحلة والدية على بيت المال، وذلك كله إذا ادعوا على أهل المحلة. وقال الأوزاعى: وجود القتيل فى المحلة يوجب القسامة وإذا لم يكن به أثر على ما تقدم من مذهبه. وقال داود بنحوٍ من هذا أو قال لا أقضى بالقسامة فى شىء إلا فى الدعوى فى العمد دون الخطأ على أهل القرية الكبيرة أو المدينة وهم أعداء المقتول.
قال الإمام - رحمه الله -: اختلف الناس فى أيمان القسامة، من يبدأ بها؟ فعند