للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ قَالَ: " لِيَبْدأ الأَكْبَرُ "، فَتَكَلَّمَا فِى أَمْرِ صَاحِبِهِمَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ؟ ". قَالُوا: أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ كَيْفَ نَحْلِفُ. قَالَ: " فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ؟ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَوْمٌ كُفَّارٌ. قَال: فَوَدَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِبَلِهُ.

قَالَ سَهْلٌ: فَدَخَلْتُ مِرْبَدًا لَهُمْ يَوْمًا، فَرَكَضَتْنِى نَاقَةٌ مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ رَكْضَةً بِرِجْلِهَا. قَالَ حَمَّادٌ: هَذَا أَوْ نَحْوهُ.

(...) وحدّثنا الْقَوَارِيرِىُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ بُشَيْرِ ابْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ. وَقَالَ فِى حَدِيثِهِ: فَعَقَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ. وَلَمْ يَقُلْ فِى حَدِيثِهِ: فَرَكَضَتْنِى نَاقَةٌ.

ــ

أنه فى المقود، ومفسر لقوله فى الروايات الأخر: " دم صاحبكم "، وكذلك قوله: " وتستحقون قاتلكم " بين أيضاً. وفيه أن القسامة إنما تكون على واحد. وقال أحمد بن حنبل - وهو مشهور قول مالك -: يقتل ويسجن الباقون عاماً، ويضربون، بعد أن يحلفوا خمسين يميناً. وروى عنه - أيضًا - أنه يقسم على الجماعة، ويختارون واحداً فيقتل. وقال أشهب: يحلفون على ماشاؤوا ولا يقتلون إلا واحداً، وبه قال ابن شريح من أصحاب الشافعى، لكنه يقول: يؤخذ من الباقين ما يصيبهم. وقال الغيرة: يقسم على الجميع ويقتلون بالشهادة القاطعة. كذا حكى عنه بعضهم، وحكى آخرون عنه أن يقسم مع كل واحد منهم مفرداً، ويقتل حين يتموا. وقال الشافعى فى قوله القديم: إذا ادعوا على جماعة أقسموا عليهم وقتلوهم.

وبقوله: " ويستحقون ": دليل أنه لا يحلف الأجانب إلا من له حق فى الدم أو فى المال، وبه احتج الشافعى أنه لا يحلف إلا الورثة الذين يستحقون المال على قوله الآخر.

وقولهم: " كيف يحلف ولم يشهد؟ " مفسرة للألفاظ الأخر فى امتناعهم من اليمين فى الأحاديث الأخر، وأن علة ذلك أنهم لم يحققوا تنزهاً عن اليمين بما لم يحققوا. وفيه دليل أن أيمان القسامة إنما يكون على العلم والقطع. وفيه أنه لا يجب أن يحلفها الحالف إلا بعد تحقيق بعلم معاينة أو خبراً أو صحة دليل إن كان غائباً لأن الأيمان فى الحقوق كالشهادة عند العلماء، فمرة تكون الشهادة بالمعاينة والمشاهدة، ومرة تكون بالدليل ويقع عليها بالخبر المتواتر، وقرائن أحوال يقع بهما تحقيق الشهادة، فكذلك هنا. وليس أحد من أهل العلم يجيز لأحد أن يحلف على ما لم يعلم أو يشهد بما لم يعلم، ولكنه قد

<<  <  ج: ص:  >  >>