للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أقوال: أحدها: أنه سُمى (١) بذلك لأنه يستر كفره، فأشبه الداخل للنفق وهو السرب ليستتر (٢) فيه.

والثانى: أنه شُبّه باليربوع (٣) الذى له جحر يقال له: النافقاءُ، وآخر يقال له: القاصعاء (٤)، فإذا طلب من القاصعاء خرج من النافقاء [وكذلك المنافق] (٥)؛ لأنه يخرج من الإيمان من غير الوجه الذى يدخل فيه.

والثالث: أنه شُبّه باليربوع - أيضاً - ولكن من جهة أن اليربوع يخرق الأرض حتى إذا كاد يبلغ ظاهرها أرق التراب، فإذا رابه ريب رفع ذلك التراب برأسه فخرج، فظاهر جحره ترابٌ على وجه الأرض وباطنه حُفر، فكذلك المنافق ظاهره الإيمان وباطنه الكفر.

قال القاضى: اختلف تأويل العلماء لهذا الحديث على الوجوه التى ذكرها وغيرها، وأظهرها التشبيه بهذه الخصال بالمنافقين والتخلق بأخلاقهم فى إظهار خلاف ما يبطنون، وهو معنى النفاق.

ومعنى: " كان منافقاً خالصاً ": أى فى هذه الخلال المذكورة فى الحديث فقط، لا فى نفاق الإسلام العام، ويكون نفاقه فى ذلك على من حدَّثه ووعده، وائتمنه، وخاصمه، وعاهده من الناس، لا أنه منافق على المسلمين بإظهار الإسلام وهو يُبطن خلافه، وقد قال بعضهم: إن الحديث إنما ورد فى منافقى زمان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين حَدَّثوا بأنهم آمنوا فكذبوا، وائتمنوا على دينهم فخانوا، ووعدوا فى أمر الدين ونصره فأخلفوا.

وهو قول عطاء بن أبى رباح فى تفسير الحديث، وإليه رجع الحسن البصرى (٦)، وهو مذهب سعيد بن جبير وابن عمر وابن عباس، [وقد روى فى معناه حديث: أن ابن عمرَ وابن عباس] (٧) أتيا النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [فذكرا له ما أهمهما من هذا الحديث، فضحك النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٨) وقال: " مالكم ولهن، إنما خصصت بهن المنافقين، أما قولى:


(١) فى المعلم: يسمى.
(٢) فى المعلم: يستتر.
(٣) دويبة فوق الجُرَذ.
(٤) وهى التى يدخل منها، من قصع إذا دخل، والنافقاء هى التى يخرج منها، يقال: نافق اليربوع إذا خرج من نافقائه. الأبى ١/ ١٦٨.
(٥) تكررت فى الأصل، والصحيح ما أثبتناه، وهو من المعلم، ت.
(٦) حكى الترمذى هذا فى سننه فقال - بعد أن ساق الحديث -: " وإنما معنى هذا عند أهل العلم نفاق العمل، وإنما كان نفاق التكذيب على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هكذا روى عن الحسن البصرى شيئاً من هذا أنه قال: النفاق نفاقان، نفاق العَمَل، ونفاق التكذيب " ٥/ ٢٠.
(٧) سقط من الأصل، وقيد بهامشه، والمثبت من ت.
(٨) سقط من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>