للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ وجُوهِهِمَا، وَيُطَافُ بِهِمَا. قَالَ: " فَأتُوا بِالتَّوْرَاةِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقينَ "، فَجَاؤُوا بِهَا فَقَرؤُوهَا، حَتَّى إِذَا مَرُّوا بِآيَةِ الرَّجْمِ، وَضَعَ الْفَتَى - الَّذِى يَقْرَأُ - يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَقَرَأَ مَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا وَرَاَءَهَا. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلامٍ - وَهُوَ مَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مُرْهُ فَلْيَرْفَعْ يَدَهُ. فَرَفَعَهَا، فَإِذَا تَحْتَهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرُجِمَا.

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُمَا، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَقِيهَا مِنَ الْحِجَارَةِ بِنَفْسِهِ.

٢٧ - (...) وحدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنِى ابْنَ عُلَيَّةَ - عَنْ أَيُّوبَ. ح وَحَدَّثَنِى أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْن وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ - مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ - أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَم فِى الزِّنَى يَهُودِيَّيْنِ، رَجَلاً وَامْرَأَةً زَنَيَا. فَأَتَتِ الْيَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَهِمَا. وَسَاقُوا الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ.

ــ

وقد قال كثير من أهل العلم بمثل هذا فى شاهد الزور من عظم حرمته فى التعزير، وأنه يحمم وجهه ويحلق رأسه، ويطاف به، وروى عن ابن الخطاب، وفعل ذلك فى شاهد الزور بعض قضاة البصرة وحلق نصف رأسه، ولم ير مالك فى آخرين حلق الرأس ولا التحميم.

وقوله: " فأمر بهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فرجما ": حجة على ما تقدم من أنه لا يلزم الإمام تولى ذلك بنفسه، وإنما يكل الرجم إلى المسلمين، ومضى ما فيه من الخلاف. ورجم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهما وهما كافران مضى الكلام فيه، وبه يحتج من قال: لا يشترط الإسلام فى الإحصان، وهو قول أبى يوسف وابن أبى ليلى على الجملة، وهو قول أبى حنيفة فى الذميين وأن إحصانهم إحصان، وأحد قولى الشافعى، وتقدم قول مالك (١): إنما ذلك لأنهم كانوا غير أهل ذمة حينئذ، وتحاكموا إليه. قال الطحاوى: وإذا كان ذلك فيمن له ذمة أخرى (٢).

وقوله: " فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه ": حجة لمن يقول: لا يحفر له كما


(١) انظر: الاستذكار ٢٤/ ٦١ وما بعدها.
(٢) انظر: الاستذكار ٢٤/ ١٧ وما بعدها، التمهيد ١٤/ ٣٩٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>