للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ. قُلْنَا: تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَىءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ. فَقَالَ: رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُمَّ، إِنَّى أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ "، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يَسَارِعُونَ فِي الْكفْرِ} إلى قوله {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوه} (١) يَقُولُ: ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ، وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرونَ} (٢)، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (٣) {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٤) فِى الْكُفَّارِ كُلُّهَا.

(...) حدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. إِلَى قَوْلِهِ: فَأَمَرَ بِهِ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَ. وَلَمْ يَذْكُرْ: مَا بَعْدَهُ مِنْ نُزُولِ الآيَةِ.

٢٨ م - (١٧٠١) وحدّثنى هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: رَجَمَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ، وَرجُلاً مِنَ الْيَهُودِ، وَامْرَأَتَهُ.

ــ

وقد احتج بهذا الحديث من يرى على الإمام إقامة حد الزنا على الذميين إذا زنيا، وهو قول أبى حنيفة وأحد قولى الشافعى (٥). وحجة من قال بهذا القول قوله تعالى: {وأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّه} (٦) وجعلوها ناسخة لآية التخيير، وهو قول ابن عباس فى آخرين وقال مالك: إذا زنا أهل الذمة فلا يعرض عليهم الإمام ويردهم إلى أهل دينهم، إلا أن يظهر منهم ذلك بين المسلمين ويضروهم بذلك فيمنعوا، وهو قول جماعة من العلماء، وأحد قولى الشافعى وأبى ثور فى آخرين. وقال مالك: إذا زنا أهل الذمة فلا يعرض عليهم الإمام. وذهب المغيرة من أصحابنا إلى أنهما يحدان حد البكر كيف كانا. وقد بينا


(١) المائدة: ٤١.
(٢) المائدة: ٤٤.
(٣) المائدة: ٤٥.
(٤) المائدة: ٤٧.
(٥) انظر: الاستذكار ٢٤/ ١٧ وما بعدها.
(٦) المائدة: ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>