للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلاثًا، وَنَهَى عَنْ ثَلاثٍ: حَرَّمَ عَقَوقَ الوَالِدِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَلا وَهَاتِ. وَنَهَى عَنْ ثَلاثٍ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَة السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَال ".

ــ

وقوله: " ومنع وهات وفى الرواية الأخرى: " ولا وهات " وهما بمعنى، فحرم منع الحقوق والبخل بها، وطلب ما لا يجب للإنسان طلبه، وأخذ ما لا يحل له ولا يصح لفظ " حرم " إلا فى مثل هذا، وهو من معنى ما كره من كثرة السؤال، ومما يقوى أحد التأويلات فيه: أنه فى الأحوال بمعنى: هات هنا. لكن لفظ " كره " هناك أوسع؛ لأنها تقع على ما ذكرناه هنا مما يحرم، وعلى ما يجب التنزه عنه من سؤال ما يستفتى الإنسان عنه، ولا تدعو ضرورة إليه مما يباح ويحل، لكن جمعهما فى الحديث الآخر، فدل أنهما المعنيين؛ إذ تكرار الكلمتين فى كلام واحد بمعنى واحد ليس من جيد الكلام، ولا من نمط كلامه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وتخصيصه فى أحد الروايات بعضهما بأن الله حرم، وبعضهما بأن الله نهى إبانة لفصل ما بين هذه الممنوعات، وتفريق حكمها من التحريم والتنزيه، وأن الثلاث الأول - من العقوق والوأد والمنع وهات - محرمات. ولا مرية أن العقوق والقتل من الكبائر الموبقات، وكذلك منع حقوق الله من الزكوات وحقوق عبادة الواجبات وأخذ شىء منها لمن لا يحل له من المحرمات. ثم جاء النهى عن الثلاث الأخر من الشغل بقيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، على التنزيه والحض.

ويخرج من تفريق النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين لفظ التحريم والنهى الحجة لن يقول: إن مجرد النهى بلفظه أو صيغته لا يقتضى الوجوب إلا بدليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>