يصلح له أداؤها بعد وهو الأظهر، وقيل: إنما تكون جرحة فى شهادته إذا سكت حتى رأى صاحب الحق صالح عن حقه واضطر إلى شهادته ولم يعرفه بها حتى بطل حقه فهذه جرحة فى شهادته، فأما على غير هذا لا بمجرد سكوته، فلعل صاحب الحق لا يطلب حقه أو وهبه أو باعه ممن هو فى يده فليس بجرحة. وأما سحنون ومن وافقه فيرى القيام بالشهادة وإن طال حوذها على الشهادة، إلا فيما كان من حقوق الله - سبحانه - وقد قيل: يحتمل أن يكون قوله: غير الشهود الذى يأتى بشهادته، قبل أن يسلبها على السرعة والمبادرة لأدائها إذا سلبها لا قبل سؤالها، كما يقال: الجواد يعطى قبل سؤاله، عبارة عن حسن عطائه. ولا يعارض هذا الخبر الحديث الآخر فى ذم من يأتى.
وقوله:" يشهدون ولا يستشهدون "(١): فقد احتج به قوم وقالوا: لا تجوز شهادة من يشهد قبل أن يستشهد. ومعنى هذا عند أهل العلم: أنه ورد مورد الذم لمن يأتى بعد القرون الفاضلة بخصال وصفهم بها، من فشو الكذب والخيانة، وكثرة الحلف، وقلة الوفاء والأمانة، فكانت هذه الشهادة من هذا الباب أنها شهادة كذب لا أصل لها، شهدوا بما لم يستشهدوا ولا استشهدوا عليه، كما خانوا وكذبوا وحلفوا. وقد يكون معناه: أنهم يتصدرون الشهادة وليسوا بأذكياء ولا من أهلها، ولا يرضى أحد أن يستشهدهم، كما قال:" يخونون ولا يؤتمنون ".
وقيل: معنى الشهادة هنا: اليمين، وروى عن النخعى، ويدل عليه قوله:" يسبق يمين أحدهم شهادته، وشهادته يمينيه " ويدل عليه قوله آخر الحديث: " وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ". قيل: معناه: أن يقول أشهد بالله لكان إلا كذا. وقيل معنى قوله:" يشهدون ولا يستشهدون ": أنه فى القطع على المغيب وقيل: يشهدون لقوم بالجنة ولقوم بالنار.