للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" قالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِى مُؤْمِنٌ بِى وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قالَ: مُطِرْنا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكِ مُؤْمِنُ بِى كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ وأَمَّا منْ قالَ: مُطِرنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِى مُؤْمِنُ بِالْكَوْكَبِ ".

ــ

وروى لنا القاضى الشهيد عن إسماعيل القاضى عن ابن المدينى أن أهل المدينة يشدّدونها وأهل العراق يخففونها، وكذلك اختلفوا فى الجِعرانة (١)، فأهل المدينة يكسرون العين ويُشَدِّدون الراء، وأهل العراق يخففون العين والراء، وكذلك اختلفوا فى ابن المسيب، فأهل المدينة يكسرون الياء وأهل العراق يفتحونها، وهذا عن أهل العراق فى الحديبيهَ خلاف ما قاله أبو الحسين.

وقوله: " [فى] (٢) أثر سماء ": السماء: المطر، وجمعه أسميَة، وسُمى، والسماء: السحاب، وأصل السماء: [كل ما] (٣) ارتفع فأظل وعلا، وسماء كل شىء ما علا منه، وبه سميت السماء والسحاب، ثم سُمى المطرُ به لمجىء السحاب به، كما سمى مُزْناً، والمزن: السحاب.

وقوله: " أصبح من عبادى مؤمن بى وكافر بى ... " الحديث، قال الإمام: هذا يحمل على أن المراد به تكفير من اعتقد أن المطر من فعل الكواكب وخلقها (٤) دون أن يكون خلقاً لله، كما يقول بعض الفلاسفة من أن الله تعالى لم يخلق [من] الأشياء إلا (٥) واحداً وهو العقل الأول عندهم، وكان عن العقل الأول غيره، وهكذا عن واحد آخر إلى أن كان عن كل ذلك ما تحته، حتى ينتهى الأمر إلى الأمطار وإلينا، فى تخليط طويل


(١) اسم مكان يقع فى رأس وادى سَرِف حين تعلقُه فى الشمال الرقى من مكة، وهى أحد مكانين يعتمر منهما المكيون. راجع: معجم المعالم الجغرافية ٨٣.
(٢) ساقطة من الأصل. وفى الأثر لغتان، كسر الهمزة وسكون الثاء وفتحها.
(٣) فى الأصل رسمت هكذا: كلما.
(٤) فى المعلم: الكوكب وخلقه.
(٥) ساقطة من ت.
والنوء مصدر ناء الرجل نوءاً، إذا نهض متثاقلاً، ثم استعمل فى ناء الكوكب إذا طلع، وقيل: إذا غرب، ثم سمى الكوكبُ نوءاً، فقالوا: مطرنا بنوء كذا، أى بنجم كذا، من تسمية الفاعل بالمصدر، وإنما نسبت العربُ المطرَ إلى النجوم لأن ثمانية وعشرين كوكباً معروفة المطالع فى السنة، وهى المسماة بمنازل القمر الثمانية والعشرين، يسقط منها فى كل ثلاث عشرة ليلة كوكب عند طلوع الفجر ويظهر نظيرهُ، فكانت العرب إذا حدث عند ذلك مطر نسبته إلى الغارب، ومنهم من ينسبه إلى الطالع نسبة إيجاد وتأثير، ويطلقون القول المذكور فى الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>