للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِين} (١) فَامَدَّهُ اللهُ بِالمَلائِكَةِ.

قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: فَحَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِى أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ المُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ، وَصَوْتَ الفَارِسِ يَقُولُ: أَقِدِمْ حَيْزُومُ. فَنَظَرَ إِلَى المُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ. فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ. فَجَاءَ الأَنْصَارِىُّ فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " صَدَقْتَ، ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ "، فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ، وَأَسَرُوا سَبْعينَ.

ــ

يقلن وقد تلاحقت المطايا ... كذاك القول إن عليك عينا

معناه: كف القول، ويصح أن تكون " مناشدتك ربك " مرفوعاً بـ " كفاك "، ومن نصب " مناشدتك ربك " على ما ضبطناه عن أبى بحر، فعلى المفعول بما فى " حسبك وكذاك وكفاك " من معنى الفعل من الكف. وتقدم تفسير المناشدة وهو السؤال، وأصله رفع الصوت. ومناشدة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليراه أصحابه بتلك الحال، فتقوى قلوبهم بدعائه وتضرعه. وقد كان وعده الله - تعالى - وتثبيت إحدى الطائفتين أنها له وعلم فوات الواحدة.

وقد كان على ثقة من ربه فى ذلك ولم يشك فيما وعده حتى يثبته أبو بكر - رضى الله عنه - بقوله: إن الله منجز لك ما وعدك، فقوة يقين النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوق قوة أبى بكر بغير مرية؛ ولهذا أمسك لما قال له أبو بكر - رضى الله عنه - ما قال؛ إذ ظهر له من قوة يقينه وطمانينة نفسه ما علم الله - تعالى - به وجواب دعائه، وأيضاً فليبين لأمته اللجأ إلى الله والاستغاثة إليه فى الشدائد.

وقوله: " أقدم حيزوم ": وكذا ضبطناه عن أبى بحر بضم الدال، كأنه من التقدم. وقال ابن دريد: " أقدم " بقطع الألف وكسر الدال من الإقدام، قال: وهى كلمة زجر للفرس معلوم فى كلامهم. وعند الجمهور: " خيروم "، وهو اسم فرس. فى رواية العذرى: " خيزون " بالنون، والأول المعروف.

وقوله: " فإذا هو قد خُطم أنفه ": الخطم: الأثر على الأنف، كما يخطم البعير بالكى. يقال خطمت البعير: إذا وسمته بالكى بخط من الأنف إلى أحد خديه، وقد يكون معناه: أنه إن أبقت به الضربة أثراً مثل أثر الخطام، وهو نحو الزمام إلا أن الزمام


(١) الأنفال: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>