للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا. فَهَوِىَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبكيَانِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِى مِنْ أَىِّ شَىْءٍ تَبْكِى أَنْتَ وَصَاحِبُكَ، فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاَءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا. فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَبْكِىَ لِلَّذِى عَرَضَ عَلَىَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخَذِهِمُ الفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَىَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ " - شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِىِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا} (١)، فَأَحَلَّ اللهُ الغَنِيمَةَ لَهُمْ.

ــ

أعلم به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سيقتل منهم عام قابل مثل من فدى. وقد يكون هذا إشارة إلى معنى عذابهم ومعاقبتهم على فعلهم؛ إذ ورد فى بعض الأخبار أنه أمر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتخييرهم على أن يقتلوا الأسرى أو يفادوهم على أن يقفل من عام قابل مثلهم.

ومعنى " فهوى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قال أبو بكر ": أى مالت إليه نفسه ووافقه. يقال منه: هوى يهوى هوى، قال الله تعالى: {بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُم} (٢)، وقد جاء هوى يهوى بمعنى مال، قال الله عز وجل: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِم} (٣).

وقوله: {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْض}: أى حتى يكئر القتل والإيقاع بالعدو، وقيل: حتى يقهر، ومعناه قريب.


(١) الأنفال: ٦٧ - ٦٩.
(٢) البقرة: ٨٧.
(٣) إبراهيم: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>