للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣١ - (٧٨) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى - وَاللَّفْظُ لَهُ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِر، قالَ: قالَ عَلِىٌّ: وَالَّذِى فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِىِّ الأُمِّىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَىِّ: " أَلا يُحِبَّنِى إِلا مُؤْمِنٌ، وَلا يُبْغِضُنِى إِلا مُنَافِقٌ ".

ــ

إلى نصره وإظهاره، وقتال كافة الناس دونه وذَبَّهم عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ونصرهم إياه] (١) حبَّهم ضرورة بحكم صحة إيمانه، وحبّه الإسلام وأهله، وعظموا فى نفسه بمقدار عظم الإسلام فى قلبه، ومن كان منافق السريرة غير مسرور بما كان منهم ولا محب فى إظهارهم الإيمان ونصره، أبغضهم لا شك لذلك؛ وكذلك من حقق مكان على من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحُبَّه له وَغَناه فى الإسلام وسوابقه، أحبَّه إن كان مؤمناً محباً فى النبى وآله، وإن كان بخلاف ذلك أبغضه بفضل بغضه للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [وأهل مِلَّته، ومثل هذا قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٢) فى الحديث الآخر فى الصحابة: " فَبِحُبّى أحبَّهم، وببغضى أبغضهم " (٣).


(١) فى ت: ونصره.
(٢) سقط من ت.
(٣) يشير إلى ما أخرجه الطبرانى عن وائل بن حجر بسند ضعيف: " من أحبَّ الأنصار فبُحبى أحبَّهم، ومن أبغض الأنصار فببغضى أبغضهم "، وكذا أخرجه عن معاوية بسند قال فيه الهيثمى: " رجاله رجال الصحيح غير النعمان بن مُرَّة وهو ثقة " راجع: الطبرانى فى الكبير ١٩/ ٣٤١، مجمع الزوائد ٩/ ٣٧٦، ١٠/ ٣٩. وقول على - رضى الله عنه -. " والذى فلق الحبة ": أى شقها بما يخرج منها، والحبَّةُ بفتح الحاء اسم لما يزرع ويستنبت، وبكسرها لما لا يزرع كبقول الصحراء.
وقوله: " وبرأ النسمة ": أى خلقها، والنسمة النفس، وقد يقال على الإنسان نسمةٌ، وقد يقال أيضاً على الربوة والهواء، وهو امتلاء الجوف من الهواء.
و (الأمى): هو الذى لا يكتب، وهو منسوب إلى الأم؛ لأنه باق على أصل ولادتها، إذا لم يتعلم كتابة ولا حساباً، وقيل: ينسب إلى معظم أمة العرب، إذ الكتابة كانت فيهم نادرة.
قال القرطبى: وهذا الوصف من الأوصاف الذى جعله الله تعالى من أوصاف كمال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومدحه به، وإنما كان وصف نقص فى غيره لأن الكتابة والدراسة والدربة على ذلك هى الطريق الموصلة إلى العلوم التى بها تشرف نفس الإنسان ويعظم قدرها عادة، ولما خصَّ الله تعالى نبينا محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعلوم الأولين والآخرين من غير كتابة ولا مدارسة كان ذلك خارقاً للعادة فى حقه، ومن أوصافه الخاصة به، الدالة على صدقه، فسبحان الذى صيَّر نقصاً فى حقه كمالاً، وزاده تشريفاً وجلالاً.
وقوله: " ألا يحبنى " هو بفتح همزة ألا؛ لأنها همزة أن الناصبة للفعل المضارع، ويحتمل أن تكون المخففة من الثقيلة، وكذلك روى: " يحبنى " بضم الباء وفتحها، وكذلك يبغضنى؛ لأنه معطوف عليه، والضمير فى " أنه " ضمير الأمر والشأن، والجملة بعده تفسير له. المفهم ١/ ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>