للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ - يُقَالُ لَهُ: ابْنُ العَرِقَةِ - رَمَاهُ فِى الأَكْحَلَ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْمَةً فِى المَسْجِدِ يَعُودُهُ مِنْ قَرِيبٍ. فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلاحَ، فَاغْتَسَلَ، فَأَتَاَهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَنفُضُ رَأسَهُ مِنَ الغُبَارِ. فَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلاحَ؟ وَاللهِ، مَا وَضَعْنَاهُ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَأَيْنَ؟ "، فَأَشَارَ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ، فَقَاتَلهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدٍ. قَالَ: فَإِنِّى أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ المُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ، وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ.

ــ

قال الإمام: ووقع فى حديث [مصاب] (١) سعد [يوم الخندق] (٢): أن الذى رماه رجل من قريش ابن العرقة، بالعين المهملة وكسر الراء، بالقاف. قال أبو عبيد: هى أمه. قال ابن الكلبى: اسم هذا الرجل حِبّان، بكسر الحاء، ابن أبى قيس بن علقمة ابن عبد مناف بن الحارث بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤى بن غالب، قال: واسم العرقة: قلابة، بكسر القاف وبالباء المنقوطة بواحدة، بنت سعيد بن سهم بن عمرة ابن هُصيص (٣). وهى أم عبد مناف بن الحارث. قال: سميت بالعرقة لطيب ريحها. قال: والعرقة تكنى أم فاطمة.

قال القاضى: كذا قال ابن الكلبى فى اسم ابن العرقة: " حبان "، وكذا ذكره ابن إسحاق، إلا أنه قال ابن قيس. وكذا قال هشام بن عروة فى ابن حبان، وكذا ضبطه الدارقطنى وغيره - من أصحاب الضبط والإتقان - بكسر الحاء. وذكر ابن عقبة أن اسم ابن العرقة: جبار بن قيس، أحد بنى العرقة. وخالف أبو عبيد بن الكلبى فيما تقدم، فقال: إن العرقة هى حبان، وخالف الواقدى فى ضبط اسمها فقال: إنما هى العرقة، بفتح الراء. وقال: أهل مكة يقولون ذلك.

قال القاضى: وأكثر الناس على ما تقدم. وكذلك ضبطناها عن شيوخنا فى الصحيح. والسير. واختلف فى اسم أبيها، فقيل: سعيد، كما تقدم. وقيل: سعد، وأن كحل عرق معروف. قال الخليل: إذا انقطع فى اليد لم يرقأ الدم وهو عرق الحياة فى كل عضو.

وقوله فى الحديث الآخر: " فنزلوا على حكم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحكم فيهم إلى سعد " يجمع بينه وبين الأول أنهم رضوا بذلك، فنسب الحكم إلى سعد. وقيل: بل كانوا هم رغبوا أن يرد حكمهم إلى سعد، والأشهر أن الأوس رغبوا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى العفو عنهم؛ لأنهم كانوا مواليهم، وسألوه أن يفعل بهم ما فعل فى بنى


(١) ساقطة من الأصل، والمثبت من ع.
(٢) سقط من الأصل، والمثبت من ع.
(٣) فى الأصل: معيص، والمثبت من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>