للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ نَبِىُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ - فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِيهِنَّ، فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتِ الثَّوْبَ فِى عُنُقِى وَقَالَتْ: وَاللهِ، لا نُعْطِيكَاهُنَّ وَقَدْ أَعْطَانِيهِنَّ. فَقَالَ نَبِىُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أُمَّ أَيْمَنَ، اتْرُكِيهِ وَلَكِ كَذَا وَكَذَا ". وَتَقُولُ: كَلا. وَالَّذِى لا إِلَهَ إِلا هُوَ. فَجَعَلَ يَقُولُ كَذَا حَتَّى أَعْطَاهَا عَشْرَةَ أَمْثَالِهِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ عَشْرَةِ أَمْثَالِهِ.

ــ

أسامة بن زيد، وأنها على ما ذكر بعض المؤرخين كانت من سبى الحبشة أصحاب الفيل حين هزمهم الله - سبحانه - لكن يبقى من الاعتراض على ما ذكرنا أنه لو كان ذلك لم ينكر الناس شبه ابنها أسامة لها فى الواد. واسمها بركة وتكنى بأم الضياء، وقد نسبوا بركة بنت حصن بن ثعلبة بن عمر بن حصن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان، كنيت بابنها أيمن بن عبيد الحبشى (١) - زوجها قبل زيد بن حارثة. والمعروف أن الحبشية إنما هى بركة أخرى جارية، كانت لأم حبيبة، كانت تخدم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضاً. وقد قال ابن عبد البر: وأظنها أم أيمن المذكورة، وقد تقدم من هذا فى باب الضيافة، وإباءة أم أيمن من يرد ما كان [أعطاها] (٢) من مال أهل أنس، مما أعطوه فى عوضها النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشرة أمثالها؛ ظناً منها أنها كانت منحة مؤبدة، وأراد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استردادها بدلها؛ لأنه كان يبرها، ولها عليه حق الرضاع والحضانة.

قال الإمام: هذا فيه رد الهبة إن كانوا أعطوها على التأبيد، وقد ذكرنا الاختلاف فى المنافع، هل ينهى عن شرائها كما ينهى عن شراء الرقاب الموهوبة؟ والظاهر أن أم أنس أعطت النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العذاق ملكاً، وقد رده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليها. وقد كان بعض شيوخنا يقول: إن كان شراء الهبة بسؤال من الموهوب ورغبة من الواهب والرفق والحض للموهوب فى ذلك فإنه (٣) خارج عما نهى (٤) عنه، والأنصار لم يطلبوا هاهنا رد الهبة، وإن كان أنس حكى عنه مسلم أن أهله أمروه أن يأتى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيسأله ما كان أهله أعطوه، قال: فأتيت النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعطانيهن. ولعله أعطاه لأنس وليس بواهب، أو علم منه خفة ذلك عليه ورغبته فيه. والعذق (٥)، بفتح العين: النخلة، وبكسر العين: الكباسة. فلعل عذاقاً جمع عذق المفتوح العين.


(١) انظر: الاستيعاب ٤/ ١٧٩٣.
(٢) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.
(٣) فى ع: لأنه، والمثبت من الأصل.
(٤) سبق فى ك الهبة (١٦٢٥).
(٥) ولا يعرف العذق بالفتح: النخلة، إلا عند أهل الحجاز، وهى - أيضاً - كل غصن له شعب. وقال الجوهرى: هى النخلة، بحملها، تقول: أعذق الإذخر: إذا أخرج ثمره، ويقال بمعنى: أظهر، وتقول: أعذقت النخلة: قطعت سعفها. انظر: اللسان، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>