للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضُعَفَاؤُهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُل. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لا، فَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَذْهَب فَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَهُ سَخْطَةً لَهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لا، وَكَذَلِكَ الإِيْمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ القُلُوبِ. وَسَأَلْتُكَ: هَلَ يَزِيْدُون أَوْ يَنْقِصُونَ؟ فَزَعَمْتَ

ــ

اضطراباً كثيراً، وأمثل ما أحفظ فى ذلك أن المراد به: الأكارون (١) أو الملوك والرؤساء. قال ابن الأعرابى: أرس الرجل يأرس أرساً صار أريساً، أى أكاراً، وآرس يورس مثله وهو الأريس، وجمعه الأريسيون، والإريس وجمعه الأريسون وأرارسة.

قال الإمام: فيكون المعنى على هذا: إن عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك وينقادون لك. ونبه بالأكارين على الرعايا؛ لأنهم الأغلب فى رعاياه؛ إذ هم أكثر انقياداً من غيرهم، وقد يراد به - أيضاً - الملوك والرؤساء فيكون المعنى على هذا التأويل: فإن عليك إثم الملوك الذين يقودون الناس إلى المذاهب الفاسدة ويأمرونهم بها، وهذا يعود إلى قريب من المعنى الأول.

قال القاضى: يعضد التأويل الأول الذي اختاره أنه قد جاء منصوصاً فى الحديث. ذكره أبو عبيد فى كتاب الأموال، وقال فيه: وإن لم تدخل فى الإسلام فاعط الجزية، ثم قال: وإلا فلا تحل بين الفلاحين وبين الإسلام. وفى رواية ابن وهب: " وإثمهم عليك ". قال أبو عبيد: الفلاحون هنا: الزارعون خاصة، لكن أراد بهم جميع أهل مملكته؛ لأن كل من يزرع عند العرب فلاح، ولِىَ ذلك بيده أو وليه له غيره. وأصل هذا فى كتاب الله قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} (٢) وقوله تعالى: {يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِين} (٣). وقال بعضهم: من قال: " اليريسيون " فمن التبختر، يقال: رأس يرأس ريساً وريساناً: إذا تبختر، ورأس يرأس رَوْساً أيضاً. وحكى الخطابى: إن الذين كانوا يحرثون أرضهم كانوا مجوساً، يقول: عليك إثم المجوس (٤). وأنكر أبو عبد الله القزاز الياء فى ذلك، وقال: صوابه عندى: " الأريسيون ". وقال أبو عبيدة: المحفوظ: " الأريسين "، وفى كتاب ابن السكن فى تفسيره: يعنى اليهود والنصارى، قيل: هم أتباع عبد الله بن أريس، وهذا الذى ينسب إليه الأروسية (٥) من النصارى، ولهم


(١) جاء فى رواية ابن إسحاق: " فإن إثم الأكاريين عليك ". البداية والنهاية ٤/ ٢٦٣.
(٢) الأحزاب: ٦٧.
(٣) سبأ: ٣١.
(٤) أعلام الحديث ١/ ١٣٧، غريب الحديث ١/ ٤٩٩ وما بعدها.
(٥) فى الإكمال: الأرسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>