للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَثِيرُ بْنُ العَبَّاسِ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ. وَسَاقَ الحَدِيثَ. غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ يُونُسَ وَحَدِيثَ مَعْمَرٍ أَكْثَرُ مِنْهُ وَأَتَمَّ.

٧٨ - (١٧٧٦) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَفرَرْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لا، وَاللهِ، مَا وَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ سِلاحٌ، أَوْ كَثِيرُ سِلاحٍ، فَلَقُوا قَوْمًا رُمَاةً لا يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ، جَمْعَ هَوَازِنَ وَبَنِى نَصْرٍ. فَرَشَقُوهُمْ رَشْقًا مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ، فَأَقْبَلُوا هُنَاكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَقُودُ بِهِ. فَنَزَلَ فَاستَنْصَرَ. وَقَالَ:

ــ

وقوله: " خرج شُبان أصحابه وأَخِفَّاؤُهم حُسَّراً ": أى بغير دروع ولا ما يتقون به النبل، كما فسره فى الحديث نفسه: " وَلا سلاح معهم "، أو ليس معهم كثير سلاح. والحاسر: الذى لا درع عليه. وفى الرواية الأخرى: " انطلق أخفاء من الناس وحسرٌ ". والأخفاء هنا المسارعون المستعجلون. وروى أبو إسحاق الحربى وأبو عبيد الهروى (١) هذا الحرف: " فانطلق جفاء من الناس " بجيم مضمومة وتخفيف الفاء. قال القتبى والهروى: أى سرعانهم، شبههم بجفاء السيل.

قال القاضى: إن صحت هذه الرواية فإنما معناها ما تقدم من خروج من خرج معهم من أهل مكة، ومن انضاف إليهم ممن لم يستعد للقتال، وانما خرج للغنيمة، من النساء والصبيان والضعفاء، ومن مرض من مسالمة الفتح. فهؤلاء شبه جفاء السيل الذى لا ينتفع به ويرميه بجانبيه، وهو الغثاء أيضاً.

وقوله: " فرشقوهم رشقاً " بكسر الراء فى الاسم، قال الإمام: يقال: رشقت بالسهم وأرشقت: إذا رميته. وأما قوله: " كأنها رجل من جراد " فهى الجماعة منها.

وقوله: " شاهت الوجوه ": أى قبحت.

قال القاضى: الرشق قيل: اليد الواحدة من السهام، وقيل: الوجه من الرمى، ومعناه هنا: رموا بمرة واحدة لغرض واحد منهم؛ ولهذا صح تشبيهه لهم (٢) برجل الجراد، هكذا بكسر الراء. فأما الرشق بالفتح والمصدر (٣) بمعنى: انكشفوا، أى انهزموا وولوا عن مواضعهم وكشفوها.


(١) لم نعثر عليها فى كتابى الهروى والحربى " غريب الحديث ".
(٢) فى س: لها.
(٣) فى الأصل: المصدرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>