للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُرْدَتَانِ. مُتَّزِرًا بِإِحْدَاهُمَا، مُرْتَدِيًا بِالأَخْرَى، فَاسْتَطلَقَ إزَارِى، فَجَمَعْتُهُمَا جَمِيعًا، وَمَرَرْتُ عَلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْهَزِمًا، وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ رَأَى ابْنُ الأَكْوَعِ فَزِعًا "، فَلَمَّا غَشُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ عَنِ البَغْلَةِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهِ وُجُوهَهُمْ، فَقَالَ: " شَاهَتِ الوُجُوهُ "، فَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْهُمْ إِنْسَانًا إِلا مَلأَ عَيْنَيْهِ تُرَابًا بِتِلْكَ القَبْضَةِ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَهَزَمَهُمْ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَائِمَهُمْ بَيْنَ المُسْلِمِينَ.

ــ

فقال: " لقد رأى ابن الأكوع [فزعا] (١) ": كما قال أولاً: " وأرجع منهزماً "، ولم يرد أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انهزم، ولا يصح هذا عنه، وقد قالوا كلهم: إنه ما انهزم، ولا يجوز أن يقال ذلك فيه فى خاصة نفسه. وقد ذكر بعضهم الإجماع على هذا، وأنه لا يجوز أن يعتقد فيه، ولا يجوز عليه. والحديث كله يدل على أنه لم ينهزم، بل ثبت وتقدم حتى كان العباس أو أبو سفيان يأخذان بلجام بغلته يكفيانها عن التقدم؛ شفقة عليه على ما قررناه، وعلى ما صرح به البراء فى حديثه.


(١) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>