قال القاضى: ويقال فيه: " بليان " بكسر الباء وتشديد الياء أيضاً، ويقال:" بذى بلى " بتخفيف اللام أيضاً.
وفى ضرب أصحاب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غلام قريش ليسألوه، جواز تهديد المتهم وتخويفه ليصدق، وجواز ضرب الأسير من العدو لمعنى يوجب ذلك، ويستخبر ما عنده من سر العدو. ويحتج به فى تهديد الحكام للمتهمين ليصدقوا عن أحوالهم، وينكشف لهم تهمتهم.
واختلف فى إقرارهم فى تلك الحال هل يقبل أم لا؟ فعند أصحاب الشافعى وكثير من أصحابنا: لايقبل حتى يتمادى على إقراره، سواء عين ما أقر به من سرقة أو قتل أم لا. ومن أصحابنا من ألزمه ذلك إذا المقر به وإن رجع عن إقراره، ومنهم من أجازه وإن لم يعين، ومنهم من منعه وإن تمادى عليه لأن خوفه أن يعاد عليه العقاب باق. وأما ضربه ليقر فلا يجوز عندهم، ولا يعتد بإقراره إلا أن يتمادى عليه. ويختلف فى التمادى على ما تقدم.
وإعلام النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه بأنهم يضربونه إذا صدق ويتركونه إذا كذب، من آيات نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك أن أصحابه كانوا يكذبونه فيما يقول من أمر قريش؛ إذ لم يكن عندهم إلا خبر العير ولا طلبوا سواها. وكذلك إخبار النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمصارع قريش وإشارته لها وتعيينها فلم يعد، ذلك آية أخرى ومعجزة ثانية فى هذا الحديث.
وقوله:" فما ماط أحدهم عن موضع يده "، قال الإمام: أى تباعد، يقال: ماط الرجل: إذا تباعد، وأماط غيره: إذا باعده، ويقال: ماط الرجل وأماط: إذا تباعد، لغتان.