للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا إِلا قَتَلَهُ، وَمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا. قَالَ: فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ، لا قُرَيْشَ بَعْدَ اليَوْمِ. ثُمَّ قَالَ: " مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِى سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ "، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فى قَرْيَتِهِ، وَرَأفَةٌ بَعَشِيرَتِهِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَجَاءَ الوَحْىُ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ الوَحْىُ لا يَخْفَى عَلَيْنَا، فَإِذَا جَاءَ فَلَيْسَ أَحَدٌ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَنْقَضِىَ الوَحْىُ. فَلَمَّا انْقَضَى الوَحْىُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ " قَالُوا: لَبَّيْكَ، يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " قُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِى قَرْيَتِهِ ". قَالُوا: قَدْ كَانَ ذَاكَ. قَالَ: " كَلا، إِنِّى عَبْدُ الله وَرسُولُهُ، هَاجَرْتُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، وَالمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ ". فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ: وَاللهِ، مَا قُلْنَا الَّذِى قُلْنَا إِلا الضِّنَّ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ ". قَالَ: فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى دَارِ أَبِى سُفْيَانَ، وَأَغْلَقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ. قَالَ: وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الحَجَرِ، فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ طَافَ بِالبَيْت. قَالَ: فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ البَيْتِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ، قَالَ: وَفِى يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْس، وَهُوَ آخِذٌ بِسيَةِ القَوْسِ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّنَمِ جَعَلَ يَطْعُنُهُ فِى عَيْنِهِ وَيَقُول: " جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ "، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا فَعَلا عَلَيْهِ، حَتَّى نَظَرَ إِلَى البَيْتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللهَ، وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ.

٨٥ - (...) وَحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَةِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَزَادَ فِى الحَدِيثِ: ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ، إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى: " احْصُدُوهُمْ حَصْدًا ". وَقَالَ فِى الحَدِيثِ: قَالُوا: قُلْنَا: ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " فَمَا اسْمِى إِذًا؟ كَلا إِنِّى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ".

ــ

طوى، على ما جاء فى السير. فوجه بعضهم من أسفلها وبعضهم من أعلاها - والله أعلم (١).

وقوله: " وَوَبَّشت قريش أوباشاً لها " بشد الباء، قال الإمام: أى جمعت جموعاً من قبائل شتى، وهم الأوباش والأوشاب.


(١) انظر: البداية والنهاية ٤/ ٢٨٩ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>