للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ وَرَغْبَةٌ فِى قَرْيَتِهِ، أَلا فَمَا اسْمِى إِذًا - ثَلاثَ مَرَّات - أَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، هَاجَرْتُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، فَالمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ ". قَالُوا: وَاللهِ مَا قُلْنَا إِلا ضِنا بِاللهِ وَرسُولِهِ. قَالَ: " فَإِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يُصْدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ ".

ــ

فإنه لا يفارقهم؛ " المحيا محياكم، والممات مماتكم ". وبكاؤهم فرحاً بما قاله لهم، وخجلاً لما بلغه من ظنهم به (١) غير ذلك.

وقوله - لما اعترفوا له بقوله -: " فما اسمى إذاً ": يحتمل معنيين؛ أحدهما: أنى نبى، لإعلامه إياهم بما تحدثوا به بينهم، بدليل قوله بعده: " كلا إنى عبد الله ورسوله والآخر: أى كان فعلى لا يطابق اسمى من مفارقتكم، وترك الوفاء لكم والرجوع إلى قومى، إما لأن هذا غير مطابق معنى الحمد لله الذى اشتق منه اسمى، وأن هذا من فعلى كان يوصف بغير وصف الحميد من الأخلاق، أو لأن اسمى كان ينتقل إلى غيره من أوصاف الغدر وقلة الوفاء لو فعلت ذلك.

وقوله: " فأقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت " فيه السنة بالبداية - لمن دخل مكة - أن يكون أول ابتدائه استلام الحجر والطواف بالبيت. وقد تقدم هذا فى كتاب الحج، والاختلاف فى دخول مكة بغير إحرام ولغير الحج والعمرة لمن لا يتردد عليها دائماً مستوعباً. ولم يختلف فى دخول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة أنه كان حلالاً بدخوله والمغفر على رأسه، ولأنه دخلها محارباً حاملاً للسلاح هو وأصحابه. ولم يختلفوا فى تخصيص النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك. ولم يختلفوا فى أنه من دخلها لحرب بعده أو بقى أنه لا يحل له دخولها حلالاً.


(١) فى س: فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>