للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٤ - (١٧٩١) حدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشُجَّ فِى رَأسِهِ، فَجَعَلَ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْهُ وَيَقُولُ: " كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُو يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ؟ " فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} (١).

١٠٥ - (١٧٩٢) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ. قَالَ: كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَحْكِى نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ ضرَبَهُ قَوْمُهُ، وَهُو يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُول: " رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِى؛ فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ".

(...) حدَّثنا أَبوُ بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ومُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَهُوَ يَنْضِحُ الدَّمَ عَنْ جَبِينِهِ.

ــ

قال القاضى: رواية الطبرى مثل رواية الرازى. وذكر فى الحديث ما أصاب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كسر رباعيته وجرح وجهه. والرباعية، مخففة الياء: السن التى بعد كل ثنية، وهى أربع رباعيات.

فيه ما ابتلى به الأنبياء وأهل الفضل لينالوا جزيل الأجر، وشمهل على أممهم وغيرهم ما أصابهم، ويتأسوا بهم، وليعلم أنهم من البشر يصيبهم محن الدنيا، ويطرأ على أجسامهم ما يطرأ على أجسام البشر ليتحققوا أنهم مخلوقون مربون، ولا يدخل اللبس في المفعول بسبب ما ظهر على أيديهم من العجائب والآيات ما يشكك فى بشريتهم، ويلبس الشيطان من أمرهم ما لبس به على النصارى وأشباههم، حتى اعتقدوا فى عيسى - عليه السلام - أنه إله. والمجن: الترس. و " يسكب ": يصب. " وشج ": جرح.

وحمل الماء فى المجن يدل أن ترسهم أو ما كان منها مقعداً، وفيه استعمال السلاح فى مصالح المسلمين وإن كان فى غير ما وضعت له. وفيه المداواة وجواز ذلك.

وقوله عن بعض الأنبياء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال - حين ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه -: " اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون " وفى الرواية الأخرى: " ينضح " بكسر الضاد، أى يغسل، وجاء فى غير مسلم: " ينضح الدم عن جبينه " (٢) ومعناه هنا: يفور ويسيل، يقال: نضحت العين: فارت. وقد يكون هنا بمعنى: يغسل الدم الذى على جبينه. وقد روى مثل هذا القول عن نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أحد. فيه ما كانوا عليه صلوات الله عليهم من الحلم والصبر والشفقة على قومهم وأممهم، وأنهم مع فعلهم بهم وأذاهم لهم دعوا بالغفران، وعذروهم بالجهل وقلة العلم بما أتوه.


(١) آل عمران: ١٢٨.
(٢) أحمد ١/ ٤٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>