للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَأتِيهِ بِالْحَارِثِ وَأَبِى عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ. قَالَ: فَجَاؤوُا فَدَعَوْهُ لَيْلاً، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ. قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَتْ لَهُ امْرأَتُهُ: إِنِّى لأَسْمَعُ صَوتًا كَأَنَّهُ صَوْتُ دَمٍ. قَالَ: إِنَّمَا هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعُهُ وَأَبُو نَائِلَةَ. إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِىَ إِلَى طَعْنَة لَيْلاً لأَجَابَ. قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنِّى إِذَا جَاءَ فَسَوْفَ أَمُدّ يَدِى إِلَى رَأسِهِ، فَإِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَدُونَكُمْ. قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ وَهُو مُتَوَشِّحٌ. فَقَالُوا: نَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الطِّيب. قَالَ: نَعَمْ. تَحْتِى

ــ

وقد قال ذلك فى مجلس على بن أبى طالب - رضى الله عنه - فأمر به على فضربت عنقه، وقاله [فِى] (١) آخر فى مجلس معاوية فأنكر ذلك محمد بن مسلمة وأنكر على معاوية سكوته له، وحلف ألا يظله وإياه سقف أبداً، ولا يخلو بقائلها إلا قتله، وإنما يكون الغدر بعد العهد والأمان، وهو قد نقض عهد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يؤمنه الآخرون، لكنه استأمن إليهم وظفروا به بغير أمان. وأما ما ترجم البخارى عليه: باب " الفسَك فى الحرب " (٢)، فليس بمعنى الغدر. والفتك: القتل على غرة وغفلة، والغيلة (٣) نحو منه. وقد استدل بقصة كعب وأشباهها للعلماء على جواز اغتيال من بلغته الدعوة من الكفار وتبينه وانتهازه الفريضة منه دون دعوة، وقد تقدم الكلام على الدعوة قبل القتال والاختلاف فيها.

وقول محمد بن مسلمة: " ائذن لى فلأقل قال: قل ": دليل على جواز التعريض للضرورة، وأن المؤاخذة بالنية والمقصد.

وقوله: " عنانا ": ظاهرهُ أتعبنا، وباطنه صحيح؛ لأن التعب فى مرضاة الله - سبحانه - والعناء فيه مشروع مأجور عليه، والجهاد والصلاة والصدقة وغير ذلك من أعمال البر، كله من التعب والعناء المحمود، والدعة والتضجيج عن القربات مذموم.

وقوله: " يُسَبُّ ابْن أَحدِنَا فيقال: رُهِنَ فِى وسقين من تمر ": كَذَا لكافتهم بالسين المهملة من السب، وعند الطبرى: " يشب " بالشين المعجمة من الشباب، والوجه الأول.

وقول كعب لامرأته: " إنما هو محمد ورضيعه وأبو نائلة " كذا فى سائر النسخ، قال لنا [شيخنا] (٤) القاضى الشهيد: صوابه: " إنما هو محمد ورضيعه أبو نائلة "، وكذا ذكره أهل السير أن أبا نائلة كان رضيعاً لمحمد بن مسلمة، وفى صحيح البخارى: " ورضيعى أبو نائلة " (٥)، وهذا عندى - إن صح - أنه كان رضيعاً لكعب فله


(١) ساقطة من س.
(٢) البخارى، ك الجهاد، ب الفتك فى الحرب. وابن حجر فى الفتح قال: ترجم المصنف عليه: باب الكذب فى الحرب. انظر: الفتح ٤/ ٧٨ ط الشعب، والكذب فى الحرب فى الفتح ٦/ ١٨٤ رقم (٣٠٣١).
(٣) فى الأصل: الغيرة، والمثبت من س والإكمال.
(٤) ساقطة من ز، واستدركت بالهامش.
(٥) البخارى، ك المغازى، ب قتل كعب بن الأشرف ٢/ ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>