للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" خَربَتْ خَيْبَرُ، إِنا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ ". قَالَ: فَهَزَمَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.

١٢٢ - (...) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُور، قَالا: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْن مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ قَالَ: " إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ ".

ــ

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَرِبَتْ خيبر ": قيل: قال بذلك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رآه بأيديهم من آلات الهدم من القوس والمساحى، وقيل: بل من اسمها لما فيه من حروف الخراب، وقد يكون ذلك لما ألقى الله تعالى إليه من علم ذلك ووقوعه.

وقولهم: " محمد والخميس ": أى الجش، قد جاء مفسراً كذا فى بعض روايات البخارى (١): " محمد والجيش "، ورويناه برفع السين على العطف، وبنصبها على المفعول معه، أى مع الجيش. قيل: سمى خميساً لقسمته على خمسة؛ ميمنة وميسرة وقلب ومقدمة وساقة، وقيل: الخميس لقسم الخمس منه، والأول أولى لتسميته بذلك قبل ورود الشرع بالخمس، وإنما كانت تعرف العرب المرباع وهو إخراج الربع للرئيس.

وقوله: " إنا إذا أنزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ": الساحة: الفناء، وأصلها الفضاء بين المنازل، ويجمع السوح، وهى أيضاً السوحة والسمح والساحة: فيه جواز النزاع بآيات القرآن والاستشهاد بها فى الأمور الحقيقية، وقد جاء فى هذا كثير فى الآثار، ويكره عن ذلك ما كان على ضرب الأمثال فى المحاورات والأمزاح ولغو الحديث، تعظيماً لكتاب الله عز وجل.

وقوله: " أصبناها عنوة ": [قال الإمام: ظاهرهُ إنها كلها عنوة، وقد قال ابن شهاب: فما حكى مالك عنه بعضها عنوة] (٢) وبعضها صلح. والكتيبة: وهى أرض خيبر نفسها، بعضها أيضاً صلح؛ قال مالك: وهى فيها أربعون ألف عذق، يريد نخلة، وقد تقدم. العَذق بفتح العين: اسم النخلة، وبكسرها: الكباسة. وقد تشكل من هذا ما روى فى كتاب أبى داود أنه قسمها نصفين؛ نصف لنوائبه وحاجته، ونصفاً للمسلمين (٣). وقال بعضهم: كان حولها من الضياع والقرى ما أجلى عنه أهله، فكان خاصًا للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما سواه للغانمين، فكان تقدير ما أجلى عنه أهله النصف؛ فلهذا قسمها له بعين.

قال القاضى: تقدم الكلام على حديث خيبر وما فيه مستوعباً فى كتاب المساقاة.


(١) البخارى، ك الخوف، ب التبكير والغلس بالصبح والصلاة عند الإغارة والحرب برقم (٩٤٧).
(٢) من ع.
(٣) أبو داود، ك الخراج والإمارة والفىء، ب ما جاء فى حكم أرض خيبر ٢/ ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>