للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢ - (...) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - وَأَلفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ - قَالَ إِسْحَاقُ وَعَبْدٌ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ - أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: دَخَلتُ عَلى حَفْصَةَ فَقَالتْ: أَعَلِمْتَ أَنَّ أَبَاكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: مَا كَانَ لِيَفْعَلَ. قَالتْ: إِنَّهُ فَاعِلٌ. قَالَ: فَحَلفْتُ أَنِّى أُكَلِّمُهُ فِى ذَلِكَ، فَسَكَتُّ، حَتَّى غَدَوْتُ، وَلمْ أُكَلِّمُهُ. قَالَ: فَكُنْتُ كَأَنَّمَا أَحْمِلُ بِيَمِينِى جَبَلاً، حَتَّى رَجَعْتُ فَدَخَلتُ عَليْهِ، فَسَأَلنِى عَنْ حَالِ النَّاسِ، وَأَنَا أُخْبِرُهُ. قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ لهُ: إِنِّى سَمِعْتُ النَّاسِ يَقُولونَ مَقَالةً، فَآليْتُ أَنْ أَقُولهَا لكَ، زَعَمُوا أَنَّكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ، وَإِنَّهُ لوْ كَانَ لكَ رَاعِى إِبِلٍ أَوْ رَاعِى غَنَمٍ، ثُمَّ جَاءَكَ وَتَرَكَهَا، رَأَيْتَ أَنْ قَدْ ضَيَّعَ. فَرِعَايَةُ النَّاسِ أَشَدُّ. قَالَ: فَوَافَقَهُ قَوْلِى، فَوَضَعَ رَأسَهُ سَاعَةً ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَىَّ. فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَحْفَظُ دِينَهُ، وَإِنِّى لئِنْ لا أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمْ يَسْتَخْلِفْ، وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدِ اسْتَخْلفَ. قَالَ: فَوَالله، مَا هُوَ إِلا أن ذَكَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لمْ يَكُنْ لِيَعْدِلَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ.

ــ

عمر؛ إذ لم يتركوها كرهاً، وإنما كانوا فى النظر فى [تعيين الخلافة لـ] (١) إقامتها تلك المدة.

وفيه حجة بينة: أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينص على خلافة أبى بكر، ولا على علىٍّ، ولا على العباس، وهو مذهب أهل السنة والجماعة، وأن عقد ولاية أبى بكر - رضى الله عنه - بالاختيار والإجماع لا بالنص، خلافاً لقول بكر بن أخت عبد الواحد؛ من أن تقديم أبى بكر بالنص من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتنبيه عليه، ولابن الراوندى فى دعواه النص على القياس، ولجماعة الشيعة والرافضة فى دعواهم النص والوصية لعلى.

وإجماع الصحابة على الاختيار بعد موت النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى تنفيذ عهد أبى بكر لعمر، وتنفيذ شورى عمر فى الستة - يرد هذا كله؛ إذ لو كان ما قالوه صحيحاً لم يخالفه الصحابة، ولا أقرت على ما فعله فاعله بوجه، ولكن نقل ذلك من الأمور المهمة التى لا تغفل.

وقوله: " لم يستخلف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ": ليس بمنع الاستخلاف، ولا حجة لذلك، وإنما احتج أنه لم يعين للخلافة أحد؛ لأنه لم ير الاستخلاف.

وقول ابن عمر: " فآليت أن أقولها ": أى حلفت.


(١) سقط من الأصل، والمثبت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>