للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا} (١)، وقول: " [وأن تقتل ولدك] (٢) مخافة أن يطعم معك " إشارة إلى معنى ما فى القرآن من قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاق} (٣)، وقوله: {مِّنْ إِمْلاق} (٤) وهما يفيدان معنيين فقوله: {مِّنْ إِمْلاق} خطاب للفقراء (٥)، وقوله: {خَشْيَةَ إِمْلاق} خطاب للأغنياء (٦)، والذى فى الحديث الأشبه بظاهره مطابقة الآية التى للأغنياء.

وقوله: " حليلة جارك ": أى امرأة جارك.

قوله: " وعقوق الوالدين ": العقوق قطع البر الواجب. قال الهروى وغيره: أصل العق القطع والشق، وقيل للذبيحة عقيقة؛ لأنها يشق حلقُومها.

قال القاضى: قدَّم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه الثلاثة الأشياء (٧) لاعتياد الجاهلية بها؛ من الكفر بالله، وفاحشة الزنا، ووأد البنات. وهى الإشارة بقتل الولد، والله أعلم؛ لأن العرب إنما كانت تئد البنات لوجهين، لفرط الغيرة [ومخافة] (٨) فضيحة السبى والعار بهن، أو لتخفيف نفقاتهن ومؤنتهن، وهو معنى قوله تعالى: {خَشْيَةَ إِمْلاق} الآية.

ومعنى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مخافة أن يطعم معك " وكانوا يتحملون ذلك فى الذكور لما يؤملون فيهم من شَدِّ العضد، وحماية الجانب، وكثرة العشيرة، وبقاء النسل والذكر، وقد نبَّه الله تعالى على هذا بقوله: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَى} الآية (٩)، ثم ذكر الزنا وخصَّه بحليلة الجار (١٠)؛ لأنه أعظم بابه، إذ لا يزانى الرجل غالباً إلا من يمكنه لقاؤه، ويجاوره فى محله وقرينه.

ونبه بإضافة الحليلة إلى الجار على عظيم حقه، وأنه يجب عليه من الغيرة عليه من الفاحشة ما يجب لحليلتك، والحديث الآخر يبينه.


(١) البقرة: ٢٢.
(٢) سقط من ت.
(٣) الإسراء: ٣١.
(٤) الأنعام: ١٥١.
(٥) ولذا عقب عليها بأن جعلهم الأصل فى الرزق فقال: {نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُم}.
(٦) ولذا كان الخطاب إليهم خطاب تشنيع وتقبيح، إذ بين لهم أن المقتول هو سبب حصول الرزق، فقال جل جلاله: {نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} وقد عبر بعض المفسرين عن ذلك بأن سمى الأول الفقر الناجز، وأطلق على الثانى الفقر الآجل. تفسير أبى السعود.
(٧) فى ت: للأشياء.
(٨) ساقطة من ت.
(٩) النحل: ٥٨.
(١٠) وحليلة الجار: أى من يحلُّ له وطؤها من حرة أو أمة، وذكر الحليلة هنا خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له، وأما لفظ الجار فخرج مخرج شدة التقبيح لما فيه من إبطال حق الجار.

<<  <  ج: ص:  >  >>