للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَهُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ لَهُمَا: " بَشِّرَا وَيَسِّرَا، وَعَلِّمَا وَلا تُنَفِّرَا "، وَأُرَاهُ قَالَ: " وَتَطَاوَعَا ". قَالَ: فَلَمَّا وَلَّى رَجَعَ أَبُو مُوسَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لَهُمْ شَرَابًا مِنَ الْعَسَلِ يُطْبَخُ حَتَّى يَعْقِدَ، وَالْمِزْرُ يُصْنَعُ مِنَ الشَّعِيرِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ مَا أَسْكَرَ عَنِ الصَّلاةِ، فَهُوَ حَرَامٌ ".

٧١ - (...) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ أَبِى خَلَفٍ - وَاللَّفْظُ لابْنِ أَبِى خَلَفٍ - قَالا: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِىٍّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ - وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِى أُنَيْسَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: " ادْعُوَا النَّاسَ، وَبَشِّرَا وَلا تُنَفِّرَا، وَيَسِّرَا وَلا تُعَسِّرَا ". قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفْتِنَا فِى شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا بِالْيَمَنِ: الْبِتْعُ، وَهُوَ مِنَ الْعَسَلِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ. وَالْمِزْرُ، وَهُوَ مِنَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُعْطِىَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ بِخَوَاتِمِه. فَقَاَلَ: " أَنْهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ أَسْكَرَ عَنِ الصَّلاةِ ".

ــ

وقوله: - عليه السلام -: " كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام ": نبه بهذا عن المسكر من غيرها؛ بدليل إطلاقه هذا اللفظ فى سائر الأحاديث دون ذكر الصلاة، وقد كان أولاً قبل تحريم الخمر ورد النهى عن قرب الصلاة فى حال السكر، على قول أكثر العلماء فى المراد بالآية أنه من سكر الخمر. ثم اختلفوا فى ذلك، فذهب بعضهم إلى أن المفهوم منها السكر دون غيره وذلك قبل تحريم الخمر، ثم نسخ جميع ذلك [بقوله: {فَاجْتَنِبُوهُ} (١) وبقوله: {فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُون} (٢)، وقيل: بل نسخ ذلك] (٣) بقوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاة} الآية (٤)، فلم يبح لهم تأخير الصلاة جملة وقيل: المراد سكر النوم.

وقوله: " يطبخ حتى يعقد " بفتح الياء وكسر القاف، يقال: عقد العسل فهو عقيد، وأعقدته أنا فهو معقد: إذا شددته بالنار، وعقدت الحبل وغيره فهو معقود.

واختلف فيما طبخ من العصير بالحد المباح منه، فجمهور العلماء على أن ينقص الثلثين يبيحه ويؤمن معه السكر، وهو المذكور فى حديث عمر (٥)، وحكى مثله عن مالك. وكافة العلماء وفى كتاب محمد: لا حد فى ذلك، إلا أن يكون لا يسكر، والأكثر أنه يحل


(١) المائدة: ٩٠.
(٢) المائدة: ٩١.
(٣) سقط من ح.
(٤) المائدة: ٦.
(٥) الموطأ، ك الأشربة، ب جامع تحريم الخمر ٢/ ٨٤٧ رقم (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>