للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٩ - (...) حدّثنا يَعْقُوبُ الدّوْرَقىّ. حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ. حَدَّثَنَا أَبُو ظِبَيْان، قَالَ: سَمِعْتُ أسَامَة بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ يُحَدِّثُ، قَالَ: بَعثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَة، فَصَبَحْنَا الْقَوْمَ، فَهَزَمْنَاهُمْ، ولَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لا إلَهَ إلا اللهُ. فَكَفَّ عَنْهُ الأنْصارِىُّ، وطَعنْتُهُ بِرُمْحِى حَتَّى قَتَلْتَهُ. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنا، بَلَغَ ذلِكَ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِى: " يَا أسَامَةُ، أقتَلْتهْ بَعْدَ مَا قَالَ: لا إلَهَ إلا اللهَ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إنّمَا كَانَ مُتعَوذًا. قَالَ: فَقَالَ " أقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لا إلَهَ إلا اللهُ؟ ". قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَىَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أنِّى لَمْ أكُنْ أسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَومَ.

ــ

الليث ومعمر ويونس وابن جريج، وتابعهم صالح بن كيسان (١).

وقوله لأسامة: " أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله "، قال الإمام: لم يذكر فيه قصاصًا ولا عقلاً (٢)، فيحتمل أن يكون إنما أسقط ذلك عنه لأنه متأوّل، ويكون ذلك حجةً فى إسقاط العقل على إحدى الروايتين (٣) عندنا فى خطأ الإمام، ومن أذن له فى شىء فأتلفه غلطًا كالأجير [والخاتن] (٤).

قال القاضى [رضى الله عنه] (٥): لا امتراء أن أسامة إنما قتله متأوّلاً، وظانًا أن الشهادة عند معاينة القتل لا تنفع، كما لا تنفع عند حضور الموت، ولم يعلم بعد حكم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه، ألا تراه كيف قال: إنما قالها متعوّذًا، فحكمه حكم الخاطئ، فسقوط


(١) قال النووى بعد سياقته لقول القاضى: " وحاصل هذا الخلاف والاضطراب إنما هو فى رواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعى، وأما رواية الليث ومعمر ويونس وابن جريج فلا شك فى صحتها، وهذه الروايات هى المستقلة بالعمل، وعليها الاعتماد، وأما رواية الأوزاعى فذكرها متابعة، وقد تقرر عندهم أن المتابعات يحتمل فيها ما فيه نوع ضعف، لكونها لا اعتماد عليها، وإنما هى لمجرد الاستئناس، فالحاصل أن هذا الاضطراب الذى فى رواية الوليد عن الأوزاعى لا يقدح فى صحة أصل هذا الحديث، فلا خلاف فى صحته " ١/ ٢٩٧.
(٢) العقلُ هى الدية تدفعها العاقلة، وهم العصبَةُ الأقرباء من قبل الأب، وإنما قيل للدية عقلٌ لأنهم كانوا يأتون بالإبل فيعقلونها بفناء ولىِّ المقتول، ثم كثر ذلك حتى قيل لكل دية عقلٌ. لسان العرب.
(٣) فى المعلم: الطرقتين.
(٤) فى الأصل والمعلم: الخاين، وهو خطأ، والمثبت من (ت) و (ق) وهو الصواب، والمراد به خاتن الصبيان، إذا أخطأ فى الختن، فشأنه كشأن الطبيب إذا أتلف نفسًا غلطًا. راجع: الجامع لأحكام القرآن: ٥/ ٣٢٤.
(٥) سقط من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>