للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٤ - (...) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، كِلاهُمَا عَنْ رُوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ".

(...) وحدّثنا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ السُّلَمِىُّ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ المُطَّلِبِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

ــ

وقوله: " وكان أوتى جوامع الكلم وخواتمه " (١): المراد بجوامع الكلم هنا: الإيجاز فى اللفظ، وجمع المعانى الكثيرة فى الألفاظ القليلة، وهو فى غير هذا الحديث القرآن، ومعنى خواتمه من هذا، كأنه يختم على المعانى ويضمها لوجيز اللفظ كما يختم الكتاب ويجمعه به.

وقوله: " كل مسكر خمر، وكل خمر حرام "، قال الإمام: نتيجة هاتين المقدمتين أن كل مسكر حرام، وقد أراد بعض أهل الأصول أن يمزج هذا بشىء من علم أصحاب المنطق [فيقول: إن أهل المنطق] (٢) يقولون: لا يكون القياس ولا تصح النتيجة إلا بمقدمتين. فقوله: " كل مسكر خمر " مقدمة لا يبح بانفرادها شيئاً، وهم يسمون اللفظة الأولى من المقدمة موضوعاً، واللفظة الثانية محمولاً؛ بمعنى أن اللفظة الأولى وضعت لأن تحمل الثانية [محمولاً] (٣) عليها، فيكون المحمول فى المقدمة الأولى هو الموضوع فى المقدمة الثانية، وتكون النتيجة موضوع المقدمة الأولى ومحمول الثانية، فيصير: كل مسكر حرام. ويجعل أصحاب المنطق هذا أصلاً يسهلون به معرفة النتائج والقياس.

وهذا وإن اتفق لهذا الأصولى هاهنا وفى موضع أو موضعين فى الشريعة، فإنه لا يستمر فى سائر أقيستها، ومعظم طرق الأقيسة الفقهية لا يسلك فيها هذا المسلك، ولا يعرف من هذه الجهة؛ وذلك أنَّ مثلاً لو عللنا تحريمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التفاضل فى البُرِ بأنه مطعوم، كما قال [به] (٤) الشافعى، لم يقدر أن نعرف هذه العلة إلا ببحث وسبر وتقسيم، فإذا عرفناها فللشافعى أن يقول حينئذ: كل سفرجل مطعوم، وكل مطعوم ربوى، فتكون النتيجه [السفرجل ربوى، على حسب ما قلناه من كون النتيجة] (٥) موضوع الأولى ومحمول الثانية، ولكن هذا ما يفيد الشافعى فائدة؛ لأنه إنما عرف هذا وصحة هذه النتيجة بطريقة أخرى، فلما عرفها من تلك الطريقة أراد أن يضع عبارة يعبر بها عن مذهبه، جاء


(١) حديث رقم (٧١) بالباب.
(٢) سقط من الأصل، والمثبت من ح، ع.
(٣) ساقطة من ح.
(٤) ساقطة من الأصل، ع، والمثبت من ح.
(٥) سقط من الأصل، والمثبت من ح، ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>