للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُّؤْمِنَةٍ} (١)، فلم يجعل عليه قصاصًا ولا ديةً سوى الكفارة.

وهذا مذهب ابن عباس وجماعة فى الآية: أنها فى المؤمن يقتل خطأ وقومه كفارٌ، فليس على قاتله سوى الكفارة. وذهب بعضهم إلى أنها فيمن أولياؤه معاهدون، وذكر عن مالك [والمشهور عنه] (٢) [رحمه الله] (٣): أنها فيمن لم يهاجر من المسلمين، لقوله [تعالى] (٤): {مَا لَكُم مِّن وَلايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} (٥)، فيكون هذا الحديث ومثله حجةً لهذه المقالات، أو يكون قتله هذا لم يُعْلَم إلا (٦) بقول أسامة، والعاقِلةُ لا تحمل اعترافًا، ولم يكن عند أسامة مال يكون فيه ديتُه. أو يكون قد تحقق النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوحى الله أن المقتول لم يقل لا إله مخلصًا، بل قالها مُعتصمًا بها من القتل غير معتقد لها، فكان كافِرًا فى الباطن، لكن شدَّد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أسامة الأمر وعظَّمه لئلا يواقعه (٧) ثانية فى قائلها عن صحة وحقيقة، وممن يكتم إيمانه كما قال للمقداد؛ فلهذا كان أسامة بعد لا يقاتل مسلمًا وحلف على ذلك؛ ولهذا قعد عن نُصَرة على - رضى الله عنه - ولهذا قال سعد - وهو ابن أبى وقاص - فى الحديث: " فأنا لا أقاتل حتى يقاتل ذو البطين " يعنى: أسامة، وقيل له: ذو البطين مصغراً؛ لأنه كان له بطن.

قال ابن ماكولا: أسامة بن زيد يقال له: ذو البطين (٨).

وقوله: " أفلا شققت عن قلبه " (٩): دليلٌ على حمل الناس على الظواهر؛ لأن البواطن لا يُوصَل إليها، ولا يعلم ما فيها إلا علام السرائر.

وذكر الشق هنا تنبيه على ذلك، وكناية عن امتناع الاطلاع، إذ لا يوصل إلى ذلك وإن شق، واقتدى سعد بن أبى وقاص فى هذا بأسامة، ومذهبهما فى ذلك بسطناه مع مذاهب غيرهما فى كتاب الفتن آخر الكتاب.


(١) النساء: ٩٢.
(٢) من ق.
(٣) و (٤) من المعلم.
(٥) الأنفال: ٧٢.
(٦) فى الأصل: لا.
(٧) فى ت: يوافقه.
(٨) الإكمال ١/ ٣٣٤. وليس المعنى هنا أنه يريد: إن قاتل أسامة قاتلتُ فى الفتنة، وإنما هو من الوقف على الممتنع وقوعه. الأبى ١/ ٢٠٩
(٩) وفى قول أسامة فى الطريق الأول: " فذكرته للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وقوله فى الطريق الثانى: " فلما قدمنا بلغ ذلك النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لى: يا أسامة، أقتلته؟ " يجمع بينهما بأن يكون صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأله فقال له أسامة ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>