للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّحْفَةِ. فَقَالَ لِى: " يَا غُلامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ ".

١٠٩ - (...) وحدّثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الْحُلْوَانِىُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قاَلا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ: أَكَلْتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجعلتُ آخُذُ مِنْ لَحْمٍ حَوْلَ الصَّحْفَةِ. فَقاَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلْ مِمَّا يَلِيكَ ".

١١٠ - (٢٠٢٣) وحدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ، قَالَ: نَهَى النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ.

١١١ - (...) وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدُ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ؛ أَنَّهُ قَالَ: نَهَى

ــ

وقوله: " فكانت يدى تطيش فى الصحفة ": أى تحف فى جوانبها، وتفسيره قوله فى الرواية الأخرى: " فجعلت آكل من لحم حول الصحفة "، وفى البخارى: " من نواحى الصحفة " (١) كذا رواية جميعهم، وللهوزنى: " تبطش " وليس بشىء، والأول المعروف.

وقول النبى له: " يا غلام، سمّ الله، وكُل بيمينك، وكُل مما يليكَ " فيه ثلاثة سنن فى أدب الطعام مشهورة، مضى الكلام على اثنتين منها، والثالث قوله: " كل مما يليك ". وهى أيضاً سنة متفق عليها؛ لأن كل أكل جاء ما يليه من الطعام فإدخال غيره يده عليه وتركه ما أمامه قبيح، ومشاركته له فيما فيه حوزة بغير إذنه، مع ما فى ذلك من تقزز النفوس بما خاضت فيه الأيدى، واختلف فيه أصابع الغير، وليس كل أحد يستحسن ذلك منهم لاسيما فى الطعام الرطب والأمراق وأشباهها؛ ولما فيه من الجشع والحرص على الطعام، وإيثار النفس على المؤاكل، وكل هذا مذموم؛ ولأنه إذا كان نوعاً واحداً فلا فائدة فى ذلك إلا سوء الأدب وشرههم بذلك، بخلاف إذا اختلف أجناس الطعام، فقد أباح العلماء اختلاف الأيدى فى الطبق والصحفة وشبهها لطلب كل نفس ما تشتهيه من ذلك، بخلاف إذا كان جنساً واحداً.

وقوله: " نهى - عليه السلام - عن اختناث الأسقية "، قال الإمام: أصل هذه الكلمة من التكسر والتثنى واللين، ومنه سمى الرجل المشبه بالنساء فى طبعه وكلامه مخنثاً؛


(١) أخرجه البخارى، ك الأطعمة، ب الأكل مما يليه. الفتح ٩/ ٥٢٣ رقم (٥٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>