للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ يَسَارِهِ، وَعُمَرُ وُجُاهَهُ -، وَأَعْرَابِىٌّ عَنْ يَمِينِهِ. فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شُرْبِهِ، قَالَ عُمَرُ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ، يَا رَسُولَ اللهِ - يُرِيهِ إِيَّاهُ - فَأَعْطَى رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَعْرَابِىَّ وَتَرَكَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأَيْمَنُونَ، الأَيْمَنُونَ، الأَيْمَنُونَ ".

قَالَ أَنَسٌ: فَهْىَ سُنَّةٌ، فَهْىَ سُنَةٌ، فَهْىَ سُنَّةٌ.

١٢٧ - (٢٠٣٠) حدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ بْنِ أَنَسٍ - فيمَا قُرِىءَ عَلَيْهِ - عَنْ أَبِى حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِىَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ. وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ. فَقَالَ لِلْغُلامِ: " أَتَأذَنُ لِى أَنْ أُعْطِىَ هَؤُلاءِ؟ ". فَقاَلَ الغُلامُ. لا، وَاللهِ، لا أوثِرُ بِنَصِيبِى مِنْكَ أَحَدًا.

ــ

أن أعطيه؟ " (١) يعنى خالد بن الوليد، ولحمله عليه، وإدلاله لقرباه منه وصغر سنه، واستئلاف الأشياخ أيضاً بهذا الاستئذان من تعريف الحكم فى ذلك، بأنه لا يصرف عنه إلا بإذنه لمن لم يكن علمه منهم، فشح ابن عباس على نصيبه من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفضل شرابه وبركته لا على نصيبه من المشروب، وقد يكون لم يستأذن الأعرابى للعادة عندهم فى جرى الشراب عندهم عن اليمين، كما قال:

صددت الكأس عنا أم عمرو ... وكأن الكاس مجراها اليمينا

فلو استأذنه لظن به غضاضة منه، وتقصيراً فى حقه مع أنفة الجاهلية، وجفاء الأعرابى، لاسيما قد بدا من عمر - رضى الله عنه -[قبل ذلك] (٢) ما بدا له من قوله: أعطه أبا بكر يا رسول الله، فإنه هو يدفعه إليه دون استئذانه. وفيه أن مثل هذا من الحقوق إذا تميزت لأحد أن صاحب الحق أولى به، لا يلتفت فى ذلك إلى الأسن، ولا الأفضل. كصاحب الدابة أولى بمقدمها، وإمامة صاحب الدار، وإنما يراعى الترجيح بالفضائل والمزايا مع استواء الأقدام فى ذلك الحق، وترك السبق إليه، كالبداية بالشرب، وغسل اليد، وبالشهادة، والتقديم للصلاة، وغير ذلك.

قال الإمام: هذا مطابق لأصول الشرع من استحباب التيامن، فإن عورض هذا بما وقع فى الحديث الآخر من تقدمه الأكبر، قلنا: هذا مع تساوى الأحوال فيرجح بالسن، وهكذا الرواية عند استحباب التيامن فى الشهادات المثبتة فى الكتاب وفى الوضؤء، وغيره تقدم الأيمن.


(١) أحمد ١/ ٢٨٤ بلفظ: " اسق عمك ".
(٢) فى ح: قبل من ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>