للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢١ - (...) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ ابْنِ مُنَبَّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ أحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَثهُ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ، رَجُلٌ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاكِ، لا مَلَكَ إِلا اللهُ ".

ــ

وقوله: " وأخبثه وأغيظه عليه " كذا جاءت الرواية فى جميع النسخ: " أغيظ " تكرراً فى الموضعين من الغيظ، وليس وجه الكلام، ولا شك أن فيه وهماً إما من تكريره أو من تغييره. قال بعض الشيوخ (١): لعل أحدهما: " أغنط " بالنون والطاء المهملة، أى أشده عليه. الغنط: شدة الكرب، وكلا اللفظين مشكل المعنى.

قال الإمام: " أغيظ " هنا مصروف عن ظاهره، والبارى - سبحانه - لا يوصف بالغيظ، وقد يريد به هاهنا معنى الغضب، وقد تقدمت الإشارة إلى معنى الغضب والرحمة، وبسطنا القول فى الطلاق (٢) هذه التسميات والمراد ما يكون عنها على حسب ما تقدم بيانه فى مواضعه (٣).

قال: والأسماء تكره لمعانٍ: أحدها: ما ذكر فى الحديث المتقدم فى " رباح وأفلح ". والثانى: يقبح المعنى المشتق منه كتغييره اسم عاصية بجميلة، وقد يكره أيضاً لتزكية النفس، كنهيه عن اسم برة، وتغييره اسمها، وقال: " لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم " (٤)، فقالوا: بم نسمها؟ قال: " سموها زينب "، وفى بعض طرقه: فحول اسمها جويرية (٥)، وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة، وهذا يعود إلى المعنى الأول، فقد يكره لما فيه من التعظيم والكبر كالتسمية بملك الأملاك.

قال القاضى: مفهوم ما ذكره فى تغيير اسم برة بزينب وجويرية: أنه اختلاف فى أسم امرأة واحدة وليس كذلك، وإنما هى ثلاثة أحاديث فى ثلاث نسوة بينة فى الكتاب غير مشكلة؛ أحدهما: فى جويرية بنت الحارث، والأخرى: فى زينب بنت جحش، والثالث: فى زينب بنت أبى مسلمة، ربيبته.

وقوله: " قال سفيان مثل: شاهان شاه ": كذا روايتنا فى هذا الكتاب، وفى رواية: " شاه شاه "، قال بعضهم: قول من قال فى هذا: " شاه شاهان " بالعكس أصوب، وكذا جاء فى بعض الأخبار عن كسرى وشاه ملك، وشاهان الملوك، وكذلك يقولون فى


(١) منهم: القاضى أبو الوليد الكنانى. انظر. شرح النووى ١٤/ ٧٢١.
(٢) فى ح: إطلاق.
(٣) الصحيح - وهو مذهب السلف - إثباتها بلا تأويل ولا تكييف.
(٤) حديث رقم (١٩) بالباب السابق.
(٥) سبق فى حديث رقم (١٦) بالباب السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>