للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَدِيدًا. وَقَدْ مَاتَ. فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إلى النَّارِ " فَكَادَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْتَابَ. فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذلِكَ إذْ قِيلَ: إنَّهُ لَمْ يَمُتْ، وَلكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا! فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْجِرَاحِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَأُخْبِرَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ: " اللهُ أَكْبَرُ أشْهَدُ أنِّى عَبْدُ اللهِ وَرَسُوِلُهُ " ثُمَّ أمَرَ بِلالاً فَنَادَىَ فِى النَّاسِ: " إنَّهُ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلا نَفْسٌ مُسْلِمَة وَإنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ ".

١٧٩ - (١١٢) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِىُّ، حَىٌّ مِنَ الْعَرَبِ - عَنْ أَبِى حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عسْكَرِهِ وَمَالَ الآخَرُونَ إلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً إلا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا

ــ

ويُستدل من هذا الحديث: أن الأيمان كلها التى تُقتَطعُ بها الحقوق لا ينفعُ فيها المعاريض والنيات، وإنما هى على نيَّةِ صاحب الحق المحلوف له لا على نية الحالف.

قال شيخنا [القاضى] (١) أبو الوليد: وهذا مما لا يختلف فيه أنه آثم فاجر فى يمينه متى اقتطع بها حق مسلم، واختلف إذا حلف لغيره تبرعًا متطوعًا أو مُستحلَفًا أو مُكْرَهًا، فقيل: ذلك كله (٢) على نية المحلوف له، وقيل: على نيَّة الحالف، وقيل: للمتطوع نيته بخلاف المستحلف وقيل بعكسه، وكل هذه الأقوال فى مذهبنا ولأئمتنا (٣).

وقوله فى حديث أبى هريرة: " شهدنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حنينًا " كذا وقعت الرواية فيها عن عبد الرزاق فى الأم، هـ قد رواه الذهلى " خيبر " وهو الصواب.

وقوله: " لا يدع شاذَّةً ولا فَاذَّة إلا اتبعها [يضربها بسيفه] (٤): الشاذ الخارج عن


(١) ساقطة من ق. وهو الإمام العلامة الحافظ القاضى أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد، التجيبى، الأندلسى، القرطبى، صاحب التصانيف، تفقه به أئمة، واشتهر اسمُه، مات بالمريَّة سنة أربع وسبعين وأربعمائة. وفيات الأعيان ٢/ ٤٠٨، العبر ٣/ ٢٨١، نفح الطيب ٢/ ٦٧، سير ١٨/ ٥٣٥.
(٢) فى الأصل: كلية.
(٣) راجع: المنتقى للباجى ٣/ ٣٥١. قال: وأما أن يستحلف، فقد قال ابن القاسم فى الموازية: سواء استحلفه الطالب أو ضيق عليه حتى يحلف أو خاف ألا يتخلص منه إلا باليمين فإنه لا تنفعه نيته، وروى ابن حبيب عن مطرف عن مالك: وتنفعه نيته فى محاشاة الزوجة لاختلاف الناس فى هذا اليمين وأما فى غير ذلك فلا تنفعه المحاشاة، ولا النية، واليمين على نية المستحلف، وقاله ابن الماجشون.
(٤) سقط من الأصل، ق. والذى أتت به روايات مسلم التى توفرت لنا ليس فيها: " ولا فاذَّة "، وكون =

<<  <  ج: ص:  >  >>