للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - (٢١٦٧) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى الدَّرَاوَرْدِىَّ - عَنْ سُهَيْلٍ، عَن أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لا تَبْدَؤُوا اليَهُودَ وَلا النَّصَارَى بِالسَّلامِ، فَإِذَا لقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِى طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلى أَضْيَقِهِ ".

ــ

سب عائشة لهم قيل: فيه الانتصار للسلطان وأهل الفضل، ووجوب ذلك على حراسهم وغيرهم من المسلمين.

وفى قول النبى - عليه السلام - لها: " إن الله يحب الرفق فى الأمر كله "، وفى الرواية الأخرى: " لا تكونى فاحشة "، وفى الأخرى: " إن الله لا يحب الفحش والتفحش ": الفاحش ذو الفحش فى كلامه، والمتفحش: المتكلف لذلك ومتعمده. قيل: ويكون المتفحش الذى يأتى الفاحشة المنهى عنها والفواحش: القبائح، والفحش من القول ما يقبح، ومن الذنوب كذلك، وقيل: الفحش: الزيادة على ما عهد من مقدار الشىء والعدوان فيه. وقد تأول ذلك الهروى فى حديث عائشة وأنه نهاها النبى - عليه السلام - عن العدوان فى الجواب، إذ لم يكن منها إليهم فحش (١).

قال القاضى: لا أدرى ما قال، وأى فحش فى الكلام أفحش من اللعنة وما قرنته من السب معها.

وقولها: ألا تسمع ما قالوا؟، فقال: " قد رددت عليهم دا قالوا: قد قلت: " وعليكم " إنا نجاب فيهم ولا يجابون فينا فأنزل الله تعالى: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} (٢): كله يبين أن النبى سمع ما قالوه مما وصفهم الله به، والله بعد قد أعلمه بذلك، وفضح تلبيسهم وتحريفهم الكلم عن مواضعه الذى قد وصفهم الله به فى الآية الأخرى (٣).

وفيه الحض على محاسن الأخلاق وترك فحش الكلام [أحد] (٤)، وانخداع أهل الفضل وتغافلهم عن أهل السفه، كما قيل: العاقل الفطن المتقابل (٥)، والانتصار والمعارضة بالتى هى أحسن إذا أمكن ذلك، والصبر على أذى من ترجى فيه، ورجوعه وائتلافاً للخير، وقد كان النبى - عليه السلام - يستألف الكفار والمنافقين بالأقوال (*) الطائلة، فكيف بالكلام الحسن الظاهر.

وقوله: " لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ": هذه سنة، بها أخذ عامة السلف


(١) الغريبين ٣/ ق: ٧.
(٢) المجادلة: ٨.
(٣) منها: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِه} النساء: ٤٦.
(٤) فى ح: لكل واحد.
(٥) فى ح: المتغافل.
(*) قال معد الكتاب للشاملة: لعل صوابها: بالأموال، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>