للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَفَزِعَ النَّاسُ. فَجَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أصَبْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ. أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ ".

ــ

وفى هذا الحديث دليلٌ لإحدى الروايتين عن مالك - رحمه الله - فى منع الانتفاع بغير الطعام من الغنائم، إذ قد يحتمل أخذ هذين للشملة والشراكين للحاجة أو يقال: إنهما أخذاهما لغير حاجة فلا يكون فى ذلك حجة. وهو دليل لفظ الحديث لأنها أخرجت من الرَّحل، ولو أخذِت للحاجة لاستعملت (١) فيما أخذَت له ولم تُستَرْ ولم تُغَل، أو تكون أمسكت بعد أن قضيت منها الحاجةُ ولم تُصرَف للمغانم.

وسُمى هذا العبدُ فى الموطأ فى هذا الحديث بنفسه بسند مالك فيه بعينه " مِدْعَمٌ "، وكذا سماه أبو عمر بن عبد البر. وقال غيره: هو غير مِدْعَم - وورد فى حديث مثل هذا اسمه " كركرة " - ذكره البخارى (٢).

وقوله فى هذا الحديث: " إلى خيبر " وهو الصواب، وكذا عند أكثر أصحاب الموطأ (٣)، وعند بعضهم حنين، وفى قبول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا الغلام هديةً، وقد كرهها فى حديث ابن اللُّتْبِيَة وقال: " هدية الأمراء غلول " وقبلها - أيضًا - من المقوقس وغيره، وفى صفته [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٤) أنه يأكل الهدية وردها على بعضهم ممن لم يُسْلم وقال: " لا نَقْبَلُ


(١) فى ت: استعملت.
(٢) الموطأ ك الجهاد ب ما جاء فى الغلول ٢/ ٤٥٩، البخارى فى صحيحه ك الأيمان والنذور، ب هل يدخل فى الأيمان والنذور الأرض والغنمُ، والزروع والأمتعة ٨/ ١٧٩، وكذا ذكره أبو داود فى الجهاد، ب فى تعظيم الغلول ٢/ ٦٢ - على أنه مِدْعم - قال الحافظ فى الإصابة: كركرة، مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان نوبيًا، أهداه له هوذة بن على الحنفى اليمامى فأعتقه. قال: ذكر ذلك أبو سعيد النيسابورى فى شرف المصطفى، وقال ابن منده: له صحبة، ولا تعرف له رواية. وقال الواقدى، كان يمسك دابة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مملوك. الإصابة ٨/ ٥٨٧. وبعد أن نقل النووى كلام القاضى هنا وعزا بعضه إليه، قال فى قوله: " وورد فى حديث مثل هذا اسمه كركرة " قال هذا كلام القاضى ١٠/ ٣١٧.
قلت: قد أخرجه البخارى فى صحيحه، فى ك الجهاد، ب الغلول عن عبد الله بن عمرو، قال: كان على ثَقَل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجل يُقالُ له كِرْكَرَةُ فمات، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هو فى النار، فذهبوا ينظرون إليه، فوجدوا عباءَةً قد غلَّها.
قال البخارى: " قال ابن سلام - كَرْكَرَةُ، يعنى بفتح الكاف " ٤/ ٩١.
وقال النووى: " كركرة بفتح الكاف الأولى وكسرها، وأما الثانية فمكسورة فيهما ". والله أعلم.
(٣) وكذا البخارى وأبو داود.
(٤) من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>