للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالتْ: فَأًتَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. ثُمَّ قَالَ: " يَا عَائِشَةُ، وَاللهِ، لكَأنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلكَأَنَّ نَخْلهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ ".

قَالتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلا أَحْرَقْتُهُ؟ قَالَ: " لا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِى اللهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلى النَّاسِ شَرًّا، فَأَمَرْتُ بِهَا فَدُفِنَتْ ".

ــ

وقوله: " فى بئر ذى أروان ": كذا هو فى الأصل وخارج الحاشية: " فى يبرُذ روان ". ووقع فى البخارى فى كتاب الدعوات: " فى دروان بيرنى بنى زريق " (١)، وقال القتبى: الصواب: " ذى أروان " كما فى الأم (٢).

وقوله: " فقلت: يا رسول الله، أفلا أحرقته " يعنى السحر، كذا الرواية عندنا فى جميع النسخ. قيل: صوابه: " أفلا أخرجته "، وكذلك وقع بعد فى مسلم فى الحديث الآخر وفى غير مسلم (٣)، وبدليل قوله بعد: " كرهت أن أثير على الناس شراً، فأمرت بها فدفنت " يريد - والله أعلم -: يثير عليهم شراً بإخراجها واطلاع بعضهم عليها، وتعلم السحروعمله لمن يراها، فأمر بدفن البئر، أى ردمها. ولا يبعد عندى صواب: " أحرقته "، ولا يعترض عليه بما تقدم، بل لا يحرقه حتى يخرجه فيخشى الوقوف عليه، بل أحرقته أظهر لما أراد به من إفناء ذاته وإبطال عمله، وما يتوقع من بقاء شره [مع بقائه] (٤) ولم يغير.

وقد رواه بعضهم عن سفيان، وفيه: " فاستخرجه "، وقال فى موضع: " أفلا أستخرجته (٥)، أفلا تنشرت " فرجح بعضهم رواية سفيان لحفظه، وأن السؤال عن النشرة، وجمع بعضهم بين الروايتين وأن [إثبات] (٦) الاستخراج من البئر ونفيه من الجف، وهو الذى كان يثير على الناس بين المشاهدة صفة عقده وعمله، ثم يكون ردم البئر بعد هذا - والله أعلم - لما لعله يخشى أن يبقى فيها منه أو لفساد مائها للاستعمال، وعدم الانتفاع بها؛ لكون مائها كنقاعة الحناء. ويكون فى هذا حجة فى منع استعمال الماء المتغير فى الطهارة لدفنه هذا البئر؛ إذ ليس فيه أنه كان صفة مياه تلك الأرض، وأن تغييره إنما كان مما ألقى فيه.


(١) البخارى، ك الدعوات، ب تكرير الدعاء ٧/ ١٦٤.
(٢) غريب الحديث لابن قتيبة ١/ ١٦٢.
(٣) وردت رواية للبخارى، ك الطب، ب السحر ٧/ ٢٨، وكذا أحمد فى المسند ٦/ ٩٦.
(٤) ساقطة من ز.
(٥) البخارى، ك الطب، ب هل يستخرج السحر ٧/ ٢٩.
(٦) ساقطة من ز، والمثبت من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>