للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ هِشَامَ ابْنَ زَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ؛ أَنَّ يَهُودِيَّةً جَعَلتْ سَمًّا فِى لحْمٍ، ثُمَّ أَتَتْ بِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بِنْحوِ حَدِيثِ خَالِدٍ.

ــ

قال القاضى: وجه الجمع عندى - والله أعلم - أنه لم يقتلها أولاً لما فعلته من السم (١) إذ اطلع عليه، وأشار عليه من حضر بقتلها فقال: " لا ". فلما مات بشر بن البراء من ذلك السم، وكان أكل منها أسلمها - كما قال فى الحديث - لأوليائه فقتلوها. فهو قول من قال: قتلها. فلم يقتلها فى حين [وقتلها فى حين] (٢) آخر - والله أعلم.

قال الداودى: إنما لم يقتلها لاحتمال ألا ينقص من عذابها فى الآخرة، ويبقى له أجره موفوراً. قال: ويحتمل أنه لم يقتلها لأن لها ذمة ولم تقتل [بسمها] (٣).

اختلف العلماء فيمن سقى رجلاً سماً، فمذهب مالك: أن تقتل به، وبمثل ما قتله به. قال مالك: وذلك أنه إذا استكرهه على شربه (٤). وقال الكوفيون: لا قصاص عليه فى هذا، وفيه الدية على عاقلته (٥). ولو دسّه له فى طعام أو شراب فناوله إياه فشربه لم يكن عليه شىء ولا على عاقلته.

وقال الشافعى: إذا فعل ذلك به غير مكره ففيها قولان: أحدهما: عليه القود (٦). وهو أشبههما. والثانى: لا قود، وإن فعل ذلك ووضعه فأخذه الرجل فأكله فلا عقل ولا قود ولا كفارة عليه.


(١) فى النسخ: السحر. وأراه وهماً من الناسخ بدليل ما نقله أبو عبد الله الأبى فى إكمال الإكمال ٦/ ١١ وما سيذكره القاضى بعد هذا.
(٢) من ح. وقد سقطت فى ز.
(٣) فى جميع النسخ: بسحرها، وهو تصحيف: قال الزهرى: إنها أسلمت. وقال الخطابى: إنه ليس فى هدا الحديث أكثر من أن اليهودية أهدتها لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بأن بعثت بها إليه، فصارت ملكاً له، وصار أصحابه أضيافاً له، ولم تكن هى التى قدمتها إليهم وإليه. وما هذا سبيله فالقود فيه ساقط، لما ذكرناه من علة المباشرة، وتقديمها على السبب. انظر: سنن أبى داود مع معالم السنن ٦/ ٣٠٧ - ٣٠٩.
(٤) المدونة ٦/ ٤٣٣.
(٥) انظر: حاشية ابن عابدين ٦/ ٥٤٢.
والعاقلة: قال فى المغنى: من يحمل العقل، والعقل: الدية، تسمى عقلاً لأنها تعقل اللسان ولى المقتول، وقيل: إنها سميت العاقلة؛ لأنهم يمنعون القاتل. والعقل: المنع، والعاقلة: العصبات. واختلف فى الآباء والبنين، هل هم العاقلة أم لا؟ المغنى (٩/ ٥١٥).
(٦) القود، بفتحتين: القصاص، وأقاد الأمير قاتله بالقتيل قتله به، فهو قتل النفس بالنفس. المصباح واللسان، مادة: " قود ".

<<  <  ج: ص:  >  >>