للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِىُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ - يَعْنِى ابْنَ زِيَادٍ - حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِإِسْنَادِ يُونُسَ، نَحْوَ حَدِيثِهِ.

٩٧ - (...) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أبى عَدِىٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، قَالَ: كُنَّا بِالمَدِينَةِ فَبَلغَنِى أَنَّ الطَّاعُونَ قَدْ وَقَعَ بِالكُوفَةِ. فَقَالَ لِى عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَغَيْرُهُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ فَوَقَعَ بِهَا فَلا تَخْرُجْ مِنْهَا، وَإِذَا بَلغَكَ أَنَّهُ بِأَرْضٍ، فَلا تَدْخُلهَا ". قَالَ: قُلْتُ: عَمَّنْ؟ قَالوا: عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ يُحَدِّثُ بِهِ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقَالوا: غَائِبٌ. قَالَ: فَلقِيتُ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ فَسأَلتُهُ؟ فَقَالَ: شَهِدْتُ أُسَامَةَ يُحَدِّثُ سَعْدًا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ هَذَا الوَجَعَ رِجْزٌ - أَوْ عَذَابٌ أَوْ بَقِيَّةُ عَذَابٍ - عُذِّبَ بِهِ أُنَاسٌ مِنْ قَبْلكُمْ، فَإِذَا كَانَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا مِنْهَا، وَإِذَا بَلغَكُمْ أَنَّهُ بِأَرْضٍ فَلا تَدْخُلوهَا ".

ــ

هلاك من هلك من أجل قدومه، ونجاة من نجى لأجل فراره. وهذا نحو نهيه عن الطيرة والقرب من المجذوم، مع قوله: " لا عدوة " (١) دليل أن من خرج من بلاد الطاعون على سبيل الفرار فجائز له الخروج، ومن دخله إذا أيقن أن دخوله لا يجلب إليه قدراً لم يسبق فسائغ له الدخول.

وقد روى عن ابن مسعود أنه قال: الطاعون فتنة على المقيم، وعلى الفار. أما الفار فيقول: فررت فنجوت، وأما المقيم فيقول: أقمت فمت، وإنما فرّ من لم يجئ أجله، وأقام فمات من جاء أجله (٢). قال المدائنى (٣): ويقال: مافرّ أحد من الطاِعون فسلم من الموت، وقد قيل فى قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} (٤): أنهم خرجوا فراراً من الطاعون فماتوا، فدعا لهم نبى من الأنبياء أن يحييهم الله، فأحياهم.

وقوله: " رجزٌ أرسل على بنى إسرائيل أو على من كان قبلكم " (٥): ذكر أنه مات فى بنى إسرائيل فى ساعة واحدة عشرون ألفاً، وقيل: سبعون ألفاً (٦). قيل: يحتمل


(١) فى ح ومن الحديث: لا عدوى.
(٢) هذا الأثر ذكره ابن بطال فى شرح البخارى ٤/ ١٩١، ولم يسنده، والقرطبى فى المفهم ٣/ ٢٠٩.
(٣) نقل هذا القول عن المدائنى ابن عبد البر فى التمهيد ٦/ ٢١٤، ابن بطال فى شرح البخارى ٤/ ١٩٢، القرطبى فى تفسيره ٣/ ٢٢٣.
(٤) البقرة: ٢٤٣.
(٥) حديث رقم (٩٥) با لباب.
(٦) تاريخ الطبرى ١/ ٤٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>