للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَلِعَمْرِى، لَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُنَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لا عَدْوَى " فَلا أَدْرِى أنَسِىَ أَبُو هُرَيْرَةَ، أَوْ نَسَخَ أَحَدُ القَوْلَيْنِ الآخَرَ؟

١٠٥ - (...) حدَّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَحَسَنٌ الحُلْوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - قَالَ عَبْدٌ: حَدَّثَنِى. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا - يَعْقُوبُ - يَعْنُون ابْن إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ - حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لا عَدْوَى " وَيُحَدِّثُ مَعَ ذَلِكَ: " لا يُورِدُ المُمْرِضُ عَلَى المُصِحِّ " بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ.

(...) حدَّثناه عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. نَحْوَهُ.

ــ

رجوع إلى قول مسموع وأمر محسوس، يحسن معناه فى العقول، فتخيل للنفس وقوع مثل ذلك المعنى. وتحسين الظن بالله سبحانه ورجاء الخير منه بأدنى سبب لايُقْبَح، الطيرة أخذ المعانى من أمور غير محسوسة ولا معقولة ولا معنى يشعر العقل بما يتوقع من ذلك، فلهذا فارقت الفأل وبأنها لا تقع إلا على توقع بأمر مكروه، والفأل يقع على ما يحب وما يكره، والمستحسن منه ما يحب [ويكره ما ينفى فألاً كان وهو أحسن] (١) فسمى الفأل أو طيرة هكذا قال بعضهم.

قال القاضى: وقيل فى الفرق بين الطيرة والفأل: وكلاهما فأل من سماع كلام يُستحسن أو يُستقبح أو رؤية حيوان يمثل ذلك تعليق النفس بما يقتضيه المسموع أو المرئى، فإذا عقلها بخير على ما سمعه أو رآه من خير واقعه (٢) فهو من حسن الظن بالله، وبضده التطير بالمكروه والشر، وتعليق النفس به، فهو من سوء الظن، وقد قال الله تعالى: " أنا عند ظن عبدى بى " (٣).

وقوله: " فمن أعدى الأول ": بيّن واضح فى الحجة فى قطع دعوى العدوى؛ لأنه إذا وجدنا هذا الداء أولاً من غير عدوى فى الأول فبم يحكم فى الثانى أنه من سبب الأول،


(١) فى ح: وما يكره ويتقى فألاً كان وهو أحد.
(٢) فى ح: وافَقَهُ.
(٣) أحمد ٢/ ٢٥١، ٣١٥، البخارى، ك التوحيد، ب قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} (٧٤٠٥)، مسلم، ك التوبة، ب فى الحض على التوبة والفرح بها (٢٦٧٥/ ١)، الترمذى، ك الزهد، ب ما جاء فى حسن الظن بالله (٢٣٨٨)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، ابن ماجة، ك الأدب، ب فضل العمل (٣٨٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>