للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ الْكُهَّانَ كَانُوا يُحَدِّثُونَنَا بِالشَّىْءِ فَنَجِدُهُ حَقًّا. قَالَ: " تِلْكَ الْكَلِمَةُ الحَقُّ، يَخْطَفُهَا الْجِنِّىُّ فَيَقْذفُهَا فِى أُذُنِ وَلِيِّهِ، وَيَزِيدُ فِيهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ".

١٢٣ - (...) حدّثنى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ - وَهُوَ ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ - عَنِ الزُّهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ: قاَلَتْ عَائِشَةُ: سَأَل أُنَاسٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكُهَّانِ؟ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسُوا بِشَىْءٍ ".

قاَلُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا الشَّىْءَ يَكُونُ حَقًّا. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تِلْكَ

ــ

عرافاً فسأله عن شىء لن تقبل له صلاة أربعين يوماً " تقدم معنى العرافة، وأنه من الكهان. قال الهروى: العراف: الحاذى والمنجم الذى يدعى علم الغيب، وقد استأثر الله به.

وأما معاقبته بترك قبول صلاته، فمذهب أهل السنة: أن السيئات لا تبطل الحسنات ولا يحبطها شىء إلا الكفر، والمراد بهذا [القبول] (١) - والله أعلم - قبول الرضى وتضعيف الأجر، ولا قبول الأداء وسقوط العهدة (٢).

وما اختصاصه بأربعين ليلة فى قبول صلاته، وقد جاء مثل هذا فى شارب الخمر (٣) - فمن أسرار الحكمة الشرعية، وقد جاء عدد الأربعين فى تنقل أطوار الخلق فى الرحم؛ من النطفة، والعلقة، والمضغة (٤)، وجاء الحد فى قصة الأظافر والشارب، وحلق العانة أربعون يوماً (٥)، وجاء: " من أخلص الله أربعين صباحاً، ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه " (٦)، فيحمل فى شارب الخمر أنه ينتقل اللحم المتولد عما شرب من الخمر وتبدله بغيره.

وقد ذكر أهل التجارب أن السمن يظهر فى الحيوان فى أربعين يوماً. وكذلك المخلص أربعين يوماً يظهر بذلك تغيير طباعه عما كانت عليه وانتقال صفاته، ولذلك تغير نبات الشعر والأظفار فى أربعين يوماً.

وقوله فيهم: " ليسوا على شىء " دليل على بطلان قولهم، وأنه لا صحة ولا حقيقة


(١) ساقطة من الأصل، والمثبت من ح.
(٢) نقل مثل هذا القول القرطبى فى المفهم ٣/ ق ٢١٥، شرح مسلم ١٤/ ٢٢٧.
(٣) رواه الترمذى، ك الأشربة، ب ما جاء فى شارب الخمر ٤/ ٢٥٧، أحمد ٢/ ١٨٩، ابن ماجة ٢/ ١٧٦، النسائى ٨/ ٣١٧.
(٤) البخارى ٤/ ٧٨ ب ذكر الملائكة، ك بدء الخلق.
(٥) صحيح مسلم ١/ ٢٢٢، الترمذى ٥/ ٨٦، أبو داود ٤/ ٨٤.
(٦) الحلية: ٥/ ١٨٩، ابن الجوزى كما فى الموضوعات ٣/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>